التشتوشية الثالثة عشرة :
تمثيل
- لا أعتقدُ أنَّ ياسر العظمة في مسلسل (بقعة ضوء) أفضل منِّي !!
- لكنَّ ياسر العظمة يُمثِّل في مسلسل (مرايا) لا في مسلسل (بقعة ضوء).
قالتْ وقدِ احمرَّ وجهها :
- أخطأْتُ بالاسم ..
وهكذا يتضح لك من أنَّ ثقافتها الفنية كثقافتِي في اللغة النرويجية لو كنْتَ تتقنها، وهذا بِحدِّ ذاته لا يؤهِّلها لتكونَ فنَّانةً... فقلْتُ لها:
- ولكنَّه رجلٌ، وهل تقارنيْنَ نفسكِ بهِ؟
- لا يهمُّ .. بل هذهِ براعةٌ أن أستطيعَ تأدية أدوار الرجال والنساء على حدٍّ سواء !!
وأيقنْتُ كالعادةِ أنَّنِي لن أستطيعَ إثناءَها عن عزمِها ورأيِها..
ولكنْ ....
كيف بدأت حكايتنا ؟!
**** **** **** ****
صارتْ بسلامتها كثيرة الاهتمام بِمشاهدة المسلسلات والأفلام العربية والأجنبية، ولم يقفِ الأمر عند مشاهدتِها من التلفاز بل هرعتْ إلى محلات الفديو لتستأجر عدداً كبيراً من الأفلام والمسلسلات، وسجنتْ نفسها في غرفة الصالون وصرْتُ كلَّما دخلْتُ عليها وجدْتُها جالسةً على الأرض وهي تحملق في الشاشة وبيدها دفتر ضخم كدفاتر المحاسبيْنَ تُدوِّن عليهِ بعض العبارات التِي تسمعها وتراها بعد أن تُوقِفَ العرضَ بجهاز التحكم، إلى هنا وجنونُها طبيعيٌّ !!
بعد أيَّامٍ تطوَّر الأمرُ معها ..
كنْتُ في المطبخ أجلي صحون الغداء عندما ارتفع صوتُها من الصالة وهي تنْهَقُ وهكذا كان صوتُها دونَ مبالغةٍ لأنَّنِي أجفلْتُ من صوتِها المرعب :
- عليكَ اللعنةُ !!
فتجمَّدْتُ للتوِّ ... أهذا جزائِي بعد كل هذا التعبِ الذي أبذله لأجلها ؟!!
والتفتُّ لأراها عند باب المطبخ وهي تضع طنجرةً على رأسِها – ولا أدري من أين جاءتْ بِها فكل أدوات المطبخ عندي ؟ - وتحمل عصاً ضخمةً كنَّا نستعملُها للغسيل :
- واللهِ لأحزمنَّك حزم السَّلَمةِ، ولأضربَنَّك ضرب غرائب الإبل !!
مع أنَّنِي لم أفهم شيئاً من هذهِ السَّلمة، ولكنَّنِي أدركْتُ أنَّهُ تَهديدٌ ووعيدٌ، ناهيكَ عن منظرِها الذي جعلنِي أشكُّ بأنَّ عقلِها – أو ما كان منه موجوداً – قد فُقِدَ من كثرة مشاهدتِها للأفلام والمسلسلات، وأيقنْتُ بالهلاكِ ولكنَّ حبِّي للحياة جعلنِي أُداريْها قائلاً:
- كما تشائيْن يا حياتِي .. عليَّ مليون لعنةٍ، المهمُّ أن تكونِي سعيدةً..
وبدأْتُ أتحرَّكُ تدريجياً للهاتف المعلَّق بالقرب من البرَّاد في زاوية المطبخ لأتصل بالعصفورية، ولكنَّها واصلتْ بصوتِها الحِماريِّ وهي تدنو منِّي:
- اثبتْ مكانكَ، وإلاَّ طعنْتُكَ في صدركَ وجعلْتُ دماءَكَ تسيلُ أنْهاراً !!
تأكَّدْتُ من أنَّها قدْ جُنَّتْ، ولاسيَّما قد رأَيْتُ على مُحيَّاها نظراتٍ زائغةً، ومنظرها المرعب بالطنجرة وقد باتت على بُعد ذراعٍ منِّي، وكدْتُ أضحكُ رغم هول الموقف فبسلامتها قد أخذتْ طنجرة البامياء ووضعَتْها على رأسها قبل أن أنظِّفها وسالتْ مَرَقةُ البندورة الحمراء على شعرها؛ ولولا علمِي بالطنجرة التِي طبخْتُها بنفسي أمسِ لظننْتُ أنَّها دماؤها!!
- ستندم أيُّها الملعونُ على استخفافِكَ بِي !!
قلْتُ لَها مُستعطفاً : - آسفٌ يا روحي .. من جهلي وقلَّة أدبِي لم أعرفْ قيمتكِ!!
قاطعتْنِي بصوتِها الذي فاق ذبذبات صوت أبي صابر:
- اخرسْ .. وإلاَّ فرمْتُ لحمَكَ قِطعاً ناعمةً، وألقيْتُها للكلابِ تأكلُها!!
غلَى الدَّمُ في عروقِي فقد بلغتْ إهاناتُها حدّاً لا يُوصف وصحْتُ بِها وأنا أمسكُ بالمقلاةِ للدفاعِ عن نفسي حتَّى الموتِ :
- اصمتِي .. فسأضربُكِ ضرباً شديداً إنْ لمْ تنصرفِي من هنا !!
وقفتْ جامدةً تحملق بِي إذْ يبدو أنَّ ثورتِي أرعبتْها، وفجأةً انفرجتْ أساريرُها وهي تقول :
- ما رأيُكَ يا حبيبِي ؟
قلْتُ لها : - رأيي بِماذا ؟ أبتهديدِكِ لي بالقتل أم بشتائمك التِي لم تَهدأ منذ دخلْتِ عليَّ ؟! أم....
قاطعتْنِي : - ليس هكذا يا بُنِيَّ ..الأمرُ كلُّه لا يعدو مجرَّد تَمثيلٍ وحسب !!
تمتمْتُ وراءَها : - تَمثيل !!
الحقُّ أنَّنِي أشهدُ لها بالبراعة فقد اعتقدْتُها قدْ جُنَّت بالفعل، فقلْتُ لَها :
- لا بأسَ بِهِ!!
نَهَقَتْ : - نعمْ ... نعمْ .. آهٍ لو رأيْتَ نظرة الرعبِ في عينيكَ .. حتَّى أنتهِيَ من جدالِها العقيم قلْتُ لها :
- من فضلِك أعطِني الطنجرة لأغسلها، ففي المرَّة المقبلة تأكَّدي من نظافتِها قبل ارتدائِها..
نظرتْ لِي بِمقْتٍ، ولم تستطعِ اتَّهامِي بشيءٍ فالحقُّ عليها هذه المرَّة لا عليَّ .. وقالتْ:
- أريدُ التحدُّثَ معك !!
قلْتُ لها وأنا أستدير للمجْلَى وأفتح الماء على طنجرة البامياء التي تلوَّثتْ من شعرها:
- اذهبِي الآنَ واغسِلِي شعْرَكِ ..
**** **** **** ****
ونعود الآن إلى البداية حيث كانت تعتقد أنَّ مواهبَها التمثيلية تُضاهي ياسر العظمة، ولتعلموا جهلها الأشد مِمَّا رأيتموها في مَطْلعِ حكايتنا، فإنَّه قالتْ لِي :
- لا أظنُّ أنَّ أسلوب غوَّار البورزان أفضل من أسلوبِي!!
قلْتُ لها : - تقصديْنَ غوَّار الطَّوشة أو حسنِي البورزان !!
من جديدٍ تعلَّلَتْ قائلةً : - آه .. صحيح كلامك أنا مرهقةٌ لكثرة ما شاهدْتُ من مسلسلات وأفلامٍ فاعذرنِي !!
قلْتُ لَها : - التمثيل ليس كارَكِ (مهنتك) فاسمعي منِّي واتركيهِ ..
كعادتِها ترفض نصائحي وقالتْ لِي :
- أنتَ تقفُ في وجه نَجاحي الفنِّي !!
فكَّرْتُ في مشهدِها وهي جالسةٌ أمام أحد الممثِّليْنَ في أحد المشاهد الغرامية ، فتصاعد الدَّمُ إلى رأسِي وصحْتُ بِها :
- لا ... أرفض تماماً الفكرة من أساسِها، أنا زوجك ومن حقِّك طاعتِي ... أنا الرجل هنا ..
وأعجبتْنِي العبارة الأخيرة وأنا أدنو منها لأضربَِها شرَّ ضربةٍ لو أمسكتْها بيدي :
- أنا الرجل هنا.. أنا الرجل هنا.. أنا الرجل هنا..
ففرَّتْ من وجهِي كما تفرُّ الذُّبابةُ من التاسومةِ (الحذاء) التي تتوجَّهُ نَحوها لضربِها..
**** **** **** ****
عادتْ زوجتِي غاضبةً وهي تسبُّ الفنَّ والفنَّانيْنَ والمسلسلاتِ والأفلامَ .... واختلتْ في غرفة النَّومِ تبكي وتتمخَّطُ وتشهقُ وأنا شامتٌ بِها لأنَّها من الأساس لم تسمع كلامي ورفضتِ الانصياعَ لأوامري..
وبعد أيَّامٍ عرفْتُ ما جرى معها..
غصباً عنِّي – كعادتِها – ذهبَتْ إلى استوديو التمثيل الذي تَمَّ افتـتاحهُ حديثاً بالقرب من عمود (سنكلس) لاستقطاب المواهب من أمثال سلامتها كما كانت تظنُّ..
دخلتْ إلى غرفة المدير وهي تتبختر كالطَّاووسِ واثقةً من قدراتِها التمثيلية..
وبعد حِوارٍ عقيمٍ فهمَ المدير غرض حرمنا، فتأمَّل جمالها الذي يفتنُ التماسيح والقرود – وللأسف كنت أعمى قلبٍ مثلهم – ثُمَّ قال لها :
- في الحقيقة إنَّ لكِ مواهبَ مخصوصةً !!
نفخَتْ صدرها وأرجعَتْ رأسها للخلف وقد أعجبها إطراؤه من أنَّها ذات مواهب مخصوصةٍ، فتابع قائلاً :
- مواهبكِ تؤهِّلك لدور لوسيفر !!
أعجبها الاسم برنينِه الموسيقي فقالتْ له :
- بالتأكيد .. ولكن مَنْ هو (لوسيفر) ؟
قال لها كلمةً واحدةً جعلتها تقف على أربعٍ كإخوانِها من بنِي أبِي صابرٍ، وتوجِّه له شتائم يَنْدَى لها الجبيْنُ وحُذِفَتْ من هنا للرقابة الذاتيَّةِ، وجعلتْهُ يتأسَّفُ على أيَّامي السوداء معها، وتركتْهُ إلى غيْرِ عودةٍ!!
ودمتم سالميْنَ !!
ماذا لا تريدونَ منِّي الذهاب دون معرفة معنَى (لوسيفر)، ألا تعرفونَ معناها حقَّاً؟!!
يا لكم من خبثاءَ تريدون معرفةَ كلِّ شيءٍ لتشمتوا بِها..
حسناً .. حسناً ... إنَّها تعنِي باللاتينيةِ (الشيطان)!!
تمثيل
- لا أعتقدُ أنَّ ياسر العظمة في مسلسل (بقعة ضوء) أفضل منِّي !!
- لكنَّ ياسر العظمة يُمثِّل في مسلسل (مرايا) لا في مسلسل (بقعة ضوء).
قالتْ وقدِ احمرَّ وجهها :
- أخطأْتُ بالاسم ..
وهكذا يتضح لك من أنَّ ثقافتها الفنية كثقافتِي في اللغة النرويجية لو كنْتَ تتقنها، وهذا بِحدِّ ذاته لا يؤهِّلها لتكونَ فنَّانةً... فقلْتُ لها:
- ولكنَّه رجلٌ، وهل تقارنيْنَ نفسكِ بهِ؟
- لا يهمُّ .. بل هذهِ براعةٌ أن أستطيعَ تأدية أدوار الرجال والنساء على حدٍّ سواء !!
وأيقنْتُ كالعادةِ أنَّنِي لن أستطيعَ إثناءَها عن عزمِها ورأيِها..
ولكنْ ....
كيف بدأت حكايتنا ؟!
**** **** **** ****
صارتْ بسلامتها كثيرة الاهتمام بِمشاهدة المسلسلات والأفلام العربية والأجنبية، ولم يقفِ الأمر عند مشاهدتِها من التلفاز بل هرعتْ إلى محلات الفديو لتستأجر عدداً كبيراً من الأفلام والمسلسلات، وسجنتْ نفسها في غرفة الصالون وصرْتُ كلَّما دخلْتُ عليها وجدْتُها جالسةً على الأرض وهي تحملق في الشاشة وبيدها دفتر ضخم كدفاتر المحاسبيْنَ تُدوِّن عليهِ بعض العبارات التِي تسمعها وتراها بعد أن تُوقِفَ العرضَ بجهاز التحكم، إلى هنا وجنونُها طبيعيٌّ !!
بعد أيَّامٍ تطوَّر الأمرُ معها ..
كنْتُ في المطبخ أجلي صحون الغداء عندما ارتفع صوتُها من الصالة وهي تنْهَقُ وهكذا كان صوتُها دونَ مبالغةٍ لأنَّنِي أجفلْتُ من صوتِها المرعب :
- عليكَ اللعنةُ !!
فتجمَّدْتُ للتوِّ ... أهذا جزائِي بعد كل هذا التعبِ الذي أبذله لأجلها ؟!!
والتفتُّ لأراها عند باب المطبخ وهي تضع طنجرةً على رأسِها – ولا أدري من أين جاءتْ بِها فكل أدوات المطبخ عندي ؟ - وتحمل عصاً ضخمةً كنَّا نستعملُها للغسيل :
- واللهِ لأحزمنَّك حزم السَّلَمةِ، ولأضربَنَّك ضرب غرائب الإبل !!
مع أنَّنِي لم أفهم شيئاً من هذهِ السَّلمة، ولكنَّنِي أدركْتُ أنَّهُ تَهديدٌ ووعيدٌ، ناهيكَ عن منظرِها الذي جعلنِي أشكُّ بأنَّ عقلِها – أو ما كان منه موجوداً – قد فُقِدَ من كثرة مشاهدتِها للأفلام والمسلسلات، وأيقنْتُ بالهلاكِ ولكنَّ حبِّي للحياة جعلنِي أُداريْها قائلاً:
- كما تشائيْن يا حياتِي .. عليَّ مليون لعنةٍ، المهمُّ أن تكونِي سعيدةً..
وبدأْتُ أتحرَّكُ تدريجياً للهاتف المعلَّق بالقرب من البرَّاد في زاوية المطبخ لأتصل بالعصفورية، ولكنَّها واصلتْ بصوتِها الحِماريِّ وهي تدنو منِّي:
- اثبتْ مكانكَ، وإلاَّ طعنْتُكَ في صدركَ وجعلْتُ دماءَكَ تسيلُ أنْهاراً !!
تأكَّدْتُ من أنَّها قدْ جُنَّتْ، ولاسيَّما قد رأَيْتُ على مُحيَّاها نظراتٍ زائغةً، ومنظرها المرعب بالطنجرة وقد باتت على بُعد ذراعٍ منِّي، وكدْتُ أضحكُ رغم هول الموقف فبسلامتها قد أخذتْ طنجرة البامياء ووضعَتْها على رأسها قبل أن أنظِّفها وسالتْ مَرَقةُ البندورة الحمراء على شعرها؛ ولولا علمِي بالطنجرة التِي طبخْتُها بنفسي أمسِ لظننْتُ أنَّها دماؤها!!
- ستندم أيُّها الملعونُ على استخفافِكَ بِي !!
قلْتُ لَها مُستعطفاً : - آسفٌ يا روحي .. من جهلي وقلَّة أدبِي لم أعرفْ قيمتكِ!!
قاطعتْنِي بصوتِها الذي فاق ذبذبات صوت أبي صابر:
- اخرسْ .. وإلاَّ فرمْتُ لحمَكَ قِطعاً ناعمةً، وألقيْتُها للكلابِ تأكلُها!!
غلَى الدَّمُ في عروقِي فقد بلغتْ إهاناتُها حدّاً لا يُوصف وصحْتُ بِها وأنا أمسكُ بالمقلاةِ للدفاعِ عن نفسي حتَّى الموتِ :
- اصمتِي .. فسأضربُكِ ضرباً شديداً إنْ لمْ تنصرفِي من هنا !!
وقفتْ جامدةً تحملق بِي إذْ يبدو أنَّ ثورتِي أرعبتْها، وفجأةً انفرجتْ أساريرُها وهي تقول :
- ما رأيُكَ يا حبيبِي ؟
قلْتُ لها : - رأيي بِماذا ؟ أبتهديدِكِ لي بالقتل أم بشتائمك التِي لم تَهدأ منذ دخلْتِ عليَّ ؟! أم....
قاطعتْنِي : - ليس هكذا يا بُنِيَّ ..الأمرُ كلُّه لا يعدو مجرَّد تَمثيلٍ وحسب !!
تمتمْتُ وراءَها : - تَمثيل !!
الحقُّ أنَّنِي أشهدُ لها بالبراعة فقد اعتقدْتُها قدْ جُنَّت بالفعل، فقلْتُ لَها :
- لا بأسَ بِهِ!!
نَهَقَتْ : - نعمْ ... نعمْ .. آهٍ لو رأيْتَ نظرة الرعبِ في عينيكَ .. حتَّى أنتهِيَ من جدالِها العقيم قلْتُ لها :
- من فضلِك أعطِني الطنجرة لأغسلها، ففي المرَّة المقبلة تأكَّدي من نظافتِها قبل ارتدائِها..
نظرتْ لِي بِمقْتٍ، ولم تستطعِ اتَّهامِي بشيءٍ فالحقُّ عليها هذه المرَّة لا عليَّ .. وقالتْ:
- أريدُ التحدُّثَ معك !!
قلْتُ لها وأنا أستدير للمجْلَى وأفتح الماء على طنجرة البامياء التي تلوَّثتْ من شعرها:
- اذهبِي الآنَ واغسِلِي شعْرَكِ ..
**** **** **** ****
ونعود الآن إلى البداية حيث كانت تعتقد أنَّ مواهبَها التمثيلية تُضاهي ياسر العظمة، ولتعلموا جهلها الأشد مِمَّا رأيتموها في مَطْلعِ حكايتنا، فإنَّه قالتْ لِي :
- لا أظنُّ أنَّ أسلوب غوَّار البورزان أفضل من أسلوبِي!!
قلْتُ لها : - تقصديْنَ غوَّار الطَّوشة أو حسنِي البورزان !!
من جديدٍ تعلَّلَتْ قائلةً : - آه .. صحيح كلامك أنا مرهقةٌ لكثرة ما شاهدْتُ من مسلسلات وأفلامٍ فاعذرنِي !!
قلْتُ لَها : - التمثيل ليس كارَكِ (مهنتك) فاسمعي منِّي واتركيهِ ..
كعادتِها ترفض نصائحي وقالتْ لِي :
- أنتَ تقفُ في وجه نَجاحي الفنِّي !!
فكَّرْتُ في مشهدِها وهي جالسةٌ أمام أحد الممثِّليْنَ في أحد المشاهد الغرامية ، فتصاعد الدَّمُ إلى رأسِي وصحْتُ بِها :
- لا ... أرفض تماماً الفكرة من أساسِها، أنا زوجك ومن حقِّك طاعتِي ... أنا الرجل هنا ..
وأعجبتْنِي العبارة الأخيرة وأنا أدنو منها لأضربَِها شرَّ ضربةٍ لو أمسكتْها بيدي :
- أنا الرجل هنا.. أنا الرجل هنا.. أنا الرجل هنا..
ففرَّتْ من وجهِي كما تفرُّ الذُّبابةُ من التاسومةِ (الحذاء) التي تتوجَّهُ نَحوها لضربِها..
**** **** **** ****
عادتْ زوجتِي غاضبةً وهي تسبُّ الفنَّ والفنَّانيْنَ والمسلسلاتِ والأفلامَ .... واختلتْ في غرفة النَّومِ تبكي وتتمخَّطُ وتشهقُ وأنا شامتٌ بِها لأنَّها من الأساس لم تسمع كلامي ورفضتِ الانصياعَ لأوامري..
وبعد أيَّامٍ عرفْتُ ما جرى معها..
غصباً عنِّي – كعادتِها – ذهبَتْ إلى استوديو التمثيل الذي تَمَّ افتـتاحهُ حديثاً بالقرب من عمود (سنكلس) لاستقطاب المواهب من أمثال سلامتها كما كانت تظنُّ..
دخلتْ إلى غرفة المدير وهي تتبختر كالطَّاووسِ واثقةً من قدراتِها التمثيلية..
وبعد حِوارٍ عقيمٍ فهمَ المدير غرض حرمنا، فتأمَّل جمالها الذي يفتنُ التماسيح والقرود – وللأسف كنت أعمى قلبٍ مثلهم – ثُمَّ قال لها :
- في الحقيقة إنَّ لكِ مواهبَ مخصوصةً !!
نفخَتْ صدرها وأرجعَتْ رأسها للخلف وقد أعجبها إطراؤه من أنَّها ذات مواهب مخصوصةٍ، فتابع قائلاً :
- مواهبكِ تؤهِّلك لدور لوسيفر !!
أعجبها الاسم برنينِه الموسيقي فقالتْ له :
- بالتأكيد .. ولكن مَنْ هو (لوسيفر) ؟
قال لها كلمةً واحدةً جعلتها تقف على أربعٍ كإخوانِها من بنِي أبِي صابرٍ، وتوجِّه له شتائم يَنْدَى لها الجبيْنُ وحُذِفَتْ من هنا للرقابة الذاتيَّةِ، وجعلتْهُ يتأسَّفُ على أيَّامي السوداء معها، وتركتْهُ إلى غيْرِ عودةٍ!!
ودمتم سالميْنَ !!
ماذا لا تريدونَ منِّي الذهاب دون معرفة معنَى (لوسيفر)، ألا تعرفونَ معناها حقَّاً؟!!
يا لكم من خبثاءَ تريدون معرفةَ كلِّ شيءٍ لتشمتوا بِها..
حسناً .. حسناً ... إنَّها تعنِي باللاتينيةِ (الشيطان)!!
تعليق