حكمة تشريع زكاه الفطر
في الإسلام عبادات فرضها الله علينا تحقيقاً لمعنى العُبوديّة، ومقياساً لدرجة إيمان العبد بربّه بقدر التزامه بأداء العبادات المفروضة والنوافل منها إن أرادَ مزيداً من القُرب، والعبادات المفروضة علينا تقع في خمسة أركان رئيسة هيَ أركان الإسلام، ومِن هذهِ الأركان رُكن الصيام، والصِيام هوَ الإمساك عن الطعام والشراب والجِماع من طُلوع الفجر وحتّى غُروب الشمس، ولمدّة شهرٍ كامل وهوَ شهرُ رمضان، والصيام فيهِ تأديبٌ للنفس وتهذيبٌ لها بحيث يشعر الصائم مع غيرهِ من الذين يفتقدون للطعام والشراب، كما أنّهُ من العبادات التي يُحبّها الله تعالى فقد جعلَ جزاءَ الصوم لهُ وحده يجزي بهِ كيفَ يشاء، وفي أثناء فترة الصيام فلا يخلو الواحد منّا من وقوع الزلل منهُ أحياناً أو الخطأ غير المقصود، ولذلك جعلَ الله لهذا الصوم زكاةً تُطهّر الصائمين من زلّاتهم وتُطهّر بِها نفوسهُم وتُزكّيها، وتُدعى هذهِ الزكاة زكاة الفِطر، وسنتحدّث في هذا المقال عن زكاة الفِطر ودليل مشروعيّتها، وكذلك عن وقت إخراجها وكيفيّته.
زكاة الفطر زكاة الفطر هي نوع من أنواع الزّكاة المختلفة التي أوجبها الله سبحانه وتعالى على كل إنسان مسلم، يؤدّيها قبل حلول صلاة عيد الفطر، وسُميت باسم زكاة الفطر لأنّ الفطر؛ أي إفطار المسلم من الصيام هو سبب فرضها على المسلمين، وتُدعى أيضاً بزكاة الأبدان؛ لأنّها تحفظ صاحبها وتطهّر نفسه، وتختلف زكاة الفطر عن أنواع الزّكاة الأخرى بأنها قد فُرضت على المسلم نفسه وليس ماله.
مقدار تبرع زكاة الفطر الكميّة الواجب إخراجها هي صاع من أحد الأطعمة المنتشرة في البلاد كالتمر، أو الأرز، أو الزبيب، أو القمح أو الشعير، أو الأقط (الحليب المجفّف)، فعنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: (كُنَّا نُخْرِجُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ .
وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ : وَكَانَ طَعَامَنَا الشَّعِيرُ وَالزَّبِيبُ وَالْأَقِطُ وَالتَّمْرُ) [صحيح البخاري]، وغيرها من الأطعمة عن كلّ إنسان مسلم من أفراد العائلة التي يعولها ولي الأمر.
مقدار الزّكاة عن كل شخصٍ على حدة هو صاع حسب الرأي التابع لجمهور العلماء المسلمين، ويُقارب الصاع 4 حفنات بيدي الشخص، أي ما يساوي 4 أمداد، والمد الواحد هو حفنة أو غرفة يدين، كما يُساوي الصاع ما يقارب 3 كيلوغرامات تقريباً، كما يجوز إخراج قيمة الزكاة بالأوراق الماليّة، نسبةً للمذهب المتبع في البلاد، وما يلي روايات حسب المذاهب الإسلاميّة الأربعة:
- عدم جواز إخراجها نقداً، وهذا في مذهب الإمام المالكي، والإمام الشافعي، والإمام الحنبلي.
- جواز إخراجها نقداً، وهذا في مذهب الأحناف، ووجه في مذهب الشافعي، ورواية في مذهب أحمد.
- جواز إخراجها نقداً في حالة قضاء ذلك لمصلحة مُعيّنة أو حاجة، وهذا الرأي في المذهب الحنبليّ، اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية.
تقبل الله اعمالكم وزكاتكم