( في رمضان ، مش حتقدر تغمض عينك ) ، ( في رمضان ، مش حتقدر تسكر تمك ) ، ( في رمضان ، مش حتقدر تسيب الشاشة ) ، ( في رمضان ، حتنام النهار وتسهر الليل ) ، ( رمضان mbc ، يجمعنا ) ، إلى آخر تلك الشعارات الشيطانية التافهة !
لن أكتب عن فضل رمضان ، ولا عن فضل صيامه وقيامه ، لن أكتب عن شوق الصالحين لرمضان ، ولا عن عملهم به ، ولن أكتب عن العشر الأواخر وفضلها ، ولا عن ليلة القدر وأجرها ، فكل ذلك تعرفوه أكثر مني ، وقد امتلأت الكتب والمساجد ووسائل الإعلام حديثاً عنه ، ولكن سأحاول أن أتكأ على الجرح لعل الجريح أن يشعر به !
حسب أولئك الجرحى رمضان شهر الأكل والشرب ، فوقفوا الطوابير الطويلة ولساعات ، ليشتروا ( الفيمتو واللقيمات والسمبوسة ) ، ونفروا إلى الأسواق قبل رمضان بأيام ، تجهيزاً لمجاعة رمضان !
حسبوه شهر الأكل والتخمة ، فلا يستطيع أحدهم الوقوف في الصلاة من تخمته وتجشأه ، حسبوه شهر الطبخ والمأكولات ، فوقفت نساءهم لساعات وساعات أمام الحلل والأطباق !
حسبوا رمضان قد جاء ليغذي أجسامهم ، بينما في الحقيقة قد جاء ليغذي أرواحهم ، وويل لمن غذى جسده وجوع روحه ، ألا ويل له !
حسبوا رمضان شهر الأفلام والمسلسلات ، فتسابقت القنوات الفاسدة لتعدها لهم ، وتنافست مسلسلاتهم في رمضان ، بكل جديد وفريد وقبيح ونتن ، ليفسدوا صيامهم ويضيعوا أجورهم !
حسبوه شهر المسلسلات ، فرتبوا جداولهم ليستغلوا الأوقات ، فلا يضيع شيء من المسلسلات ، حسبوه للحفلات والسهرات ، فأماتوا ليلهم بحليمة ونديمة وراغب وماجد وجحيم ، بدل أن يحيوها بالقرآن والصلاة !
حسبوه شهر فساد القنوات ، فجمعتهم mbc على ممثلاتها الفاتنات ، وروتانا على أخواتهن من الراقصات ، وغيرهما على باقي السخافات !
حسبوه شهر طاش ، وبيني وبينك ، وباب الحارة ، وما عداهم من النتانات !
والله ما صام ، من جاع بطنه في النهار ، وجاعت روحه في الليل ! والله ما صام من أمسك فمه عن الطعام ، وما أمسك لسانه عن بذيء الكلام ! والله ما صام من ترك الطعام وصام ، ونسي الصلاة والقيام ! والله ما صام من نام النهار ، وسهر الليالي على سيء الأفلام ! والله ما صام ، من أمسك الفم عن الطعام ، وما أمسك الأذنان والعينان عن الحرام !
فليعلم أولئك أن (( من لم يدع قول الزور والعمل به ، فليس لله حاجة أن يدع طعامه وشرابه )) ، وأن (( رغم أنف رجل دخل عليه رمضان ثم انسلخ قبل أن يُغفر له )) ، وليعلموا أن (( من صام رمضان إيماناً واحتساباً ، غفر له ما تقدم من ذنبه )) وأن (( من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه )) !
فيا باغي الخير أقبل ، فقد فتحت أبواب الجنان ، ويا باغي الشر أقصر ، واحذر من طريق النيران !
ويا شياطين الإنس ألا اخنسوا ، فقد صفدت شياطين الجان ، ويا مريدي الشر ألا أفيقوا ، فقد غلقت أبواب النيران !
إيه يا نفس ، ها هو رمضان قد أقبل ، فهل ستضيعينه بالأكل والنوم والأفلام ؟ أم ستكونين مع من أحسن الصيام والقيام ؟ يا نفس ، ها هو رمضان لكِ أنت ، فلا تبيعيه رخيصاً واحذري أن يسرقوه منكِ ، يا نفس أتعلمين أهذا آخر رمضان ؟ أم سيتبعه غيره من شهور الصيام ؟
يا نفس أفيقي واتقي واصبري ، فهنيئاً لك إن استغللت رمضان ، وويل لك ورغم أنف صاحبك ، إن خرج رمضان ولم يغفر له !
ألا فلنرفع شعار ، ( في رمضان ، مش حتقدر تنزل إيدك ) !
" بقلم عبد الرحمن الكيلاني "
تعليق