دهاء سيميوني وقتالية جنود الـ"تشولو" منحا المدريدي "الصغير" لقب السوبر بامتياز.
رفع أتلتيكو مدريد لقب كأس السوبر الإسبانية للمرة الثانية في تاريخه عقب فوزه في مواجهة الإياب على جاره وخصمه العاصمي ريال مدريد بنتيجة (1-0) اليوم الجمعة.
بهذا الفوز ثأر فريق المدرّب دييغو سيميوني من جاره اللدود الذي كان قد هزمه في نهائي دوري أبطال أوروبا قبل أكثر من ثلاثة أشهر (4-1).
على معقل "فيثنتي كالديرون"، وقّع الهدف الوحيد للمباراة، النجم الكرواتي الوافد حديثاً ماريو ماندزوكيتش (2)، ليعود اللقب إلى المدريدي "الصغير" بعد انتهاء المواجهة ذهاباً في البيرنابيو بالتعادل الإيجابي بهدف في كل شبكة.
وحصد "التشولو" ثاني ألقابه من جنس السوبر المحلي طوال تاريخه، حيث كان الأول عام 1985 على حساب العملاق الكتالوني آنذاك، هذا الأخير الذي يعتبر أكثر الفرق تتويجاً بهذه البطولة إذ رفعها في 11 مناسبة، بينما أخفق ريال مدريد في حيازة اللقب العاشر في رصيده من هذه المسابقة وتوأمة السوبر المحلي بالأوروبي الذي تُوّج به قبل أيام قليلة على حساب مواطنه الآخر إشبيلية (2-0).
الدون في ثوب "الكومبارس"
أولى ملامح نزال العودة في السوبر المحلي بين بطل الليغا وحامل كأس الملك، استهلّ معلناً عن بعض التحويرات مقارنة بموعد "سانتياغو بيرنابيو"، فالبرتغاليان كريستيانو رونالدو وصخرة الدفاع بيبي دشنا اللقاء في مقاعد البدلاء، مقابل ترك مكانهما لكل من الكولومبي خاميس رودريغيز والفرنسي رافاييل فاران، في حين أنّ أتليتكو أقحم المنضمّ حديثاً من قلعة سوسييداد أنطوان غريزمان ليحلّ مكان ساوول نيغيز إسكالبيث.
وبالعودة إلى هذه التحويرات ولا سيما في دفّة أنشيلوتي، فإنّها تأتي مغايرة لأخبار الطمأنة عن أحوال الدون الذي تعرّض لإصابة في اللقاء الأول والتي دفعت به إلى مغادرة اللقاء وقتها في حين يبدو خيار الاعتماد على مدافع الديوك فنياً بحتاً، أما دييغو سيموني فقد آثر تمكين غريزمان من فرصة "أثقل" من تلك الدقائق القليلة التي منحها إياه في الذهاب.
سوبر مشتعل
على إيقاع المفاجأة والثواني الأولى لم يمهل الوافد الجديد من قلاع بافاريا، ماريو ماندزوكيتش أية فرصة لملوك العاصمة، فبعد كرة طائشة من الحارس كارلوس مويا، ساهم في تحويل وجهتها غريزمان لتسقط أمام القناص الكرواتي الذي استثمر حالة انعدام التركيز في الدقائق الأولى بين بيبي وراموس، ويسدّد كرة في مقتل استقرّت على يمين إيكر كاسياس معلنة عن بدء السوبر بلا ممهدات (2).
بطل أوروبا.. استفاقة فهيمنة
صدمة الهدف الافتتاحي من صاحب الأرض كانت قوية على أبناء أنشيلوتي الذين تأخّروا في رد الفعل، غير أنّهم اعتمدوا آلية تدريجية في بسط هيمنتهم على أجواء هذا الشوط، حيث شهدنا التهديد الأول بعنوان "لوس بلانكوس" بقدم مودريتش بواسطة تسديدة على الطائر لم تبتعد كثيراً (18).
طموحات بلوغ التعادل سجّلت وتيرة مرتفعة، حيث زاد منسوب خطورة الفرص وكثرتها ليأتي الدور هذه المرة على خاميس رودريغيز الذي قام بعمل منسّق مع كارفاخال، لتعود إليه الكرة في موقع مناسب لتدوين هدفه الثاني بعد الأول في "سانتياغو بيرنابيو"، بيد أنّ مويا رفض انتهاك عرينه للمرة الثانية بالهوية عينها (25)، ولم يصبر هدّاف المونديال ليعود مجدّداً ويظهر في صورة الخطير برأسية اقتربت جداً من مرمى الـ"تشولو" (36).
من جهته، غار – على ما يبدو – النجم الويلزي غاريث بيل من سطوة هدّاف المونديال على أحداث الشوط، فاستلم منه تمريرة ذكية قبل أن يراوغ دفاع الأتليتكو ويسدّد كرة أرضية جانبت بسنتيمترات قليلة مرمى مويا الحصين (38).
حوارات الوقت القاتل
خواتيم هذا النصف الأول من حوار الجارين العاصميين، كان بدوره مثيراً، ومعنوناً بصبغة التكافئ، حيث بدأه نجم هذا الشوط راؤول غارسيا بصاروخ بعيد المدى طار له "القدّيس" ليحوّل وجهته إلى نقطة الركنية (44)، ولكن "خاميس" عاد ليطلق تسديدة رائعة وكانت للتحوّل إلى أروع في رونقها لو عانقت شباك مويا، في سيناريو محتدم أعلن على شاكلته الحكم نهاية المغامرة في شقها الأول، علاوة على إقصاء المدرب سيميوني للمشاكسة والاحتجاج الشديد.
هيجان الأتليتي على إيقاع "المتوهّج" غارسيا
شوط المباراة الثاني حلّ مبطّناً لحقيقة ثابتة وهي أنّ "الميرنغي" مطالب بتدارك تأخّره ولعب أوراقه مبكّراً في هذا الموعد المعقّد مع الجار الثائر، فلم يكن أنشيلوتي معارضاً لهذه القراءة إذ أقحم نجمه البرتغالي كريستيانو رونالدو منذ البداية، أملاً في إدارك تعادل في مرحلة أولى والإجهاز على الخصم في مرحلة ثانية في طريق الصعود إلى منصة التتويج في ثوب البطل.
حلول "كريس" المبكر كمعوّض للألماني طوني كروس لم يسجّل أي تحسّن في المردود للفريق الملكي الذي بدا شاحباً، في مقابل توهّج منقطع النظير سجّله الرائع راؤول غارسيا الذي غطّى بشكل كبير غياب المايسترو التركي أردا توران. غارسيا كان ليطعن الريال في مناسبتين، واحدة تلقّتها العارضة (49) وأخرى من تسديدة قوية جانبت مرمى كاسياس (57).
ما تبقى من هذا الشوط لم يكن إلاّ معاينة للمردود المتوهّج لثنائي وسط الأتليتي "راؤول غونزاليس و كوكي"، في حين فقط بطل "لا ديثيما" الوسائل والآليات والأوراق التي تخوّل له العودة في اللقاء حيث كان في الشوط الثاني خاصة، عاجزاً حتى على خلق الفرص الكفيلة بإحداث الخطر أو التغيير من واقع النتيجة، واتّسم مردوده بالإحباط والياس الذين تجسّدا في مشهد الطرد الذي نالو الكرواتي لوكا مودريتش.
قراءة جانبت الصواب
لم يعوّدنا الفني الإيطالي كارلو أنشيلوتي بارتكاب أخطاء على مستوى قراءاته الفنية سابقاً، غير أنّ تصريحه قبيل موعد "فيثنتي كالديرون" الذي أقرّ وفقه بأنّ فريق سيميوني سيلعب وفق تقنية الانكماش الدفاعي ومن ثم الانطلاق في شكل المرتدة، جعل من مجرّة الملوك خصماً مستضعفاً وسقط في فخ الداهية الأرجنتيني سيميوني الذي بادر بالهجوم الشرس وربح الرهان.
رهان السوبر المحلي الذي حسمه الأتلتيكو سيجعل كافة متابعي الليغا على موعد مع موسم مشتعل ويعد بالكثير من التشويق والمفاجآت.