إنها تجربة قام بها مجموعة من العلماء ليدرسوا كيف تنتقل بعض العادات من جيل إلى جيل ومن زمن إلى زمن أو بعبارة أخرى من سلف إلى خلف مع اختلاف الظروف والأسباب الداعية لها بل وغياب الثمرة المرجوة من فعل تلك العادات والأدهى والأمر من ذلك حرص البعض على التمسك بتلك العادات وتطبيقها بكل دقة أكثر من أصحابها المنشئين لها بل ويكون التعصب لهذه العادات الموروثة أَشَد والدفاع عنها بكل قوة ويتهم من يخالف تلك العادات بالتمرد على الأعراف الاجتماعية بل ويجعل تلك العادة ديناً فيكفر أو يفسق أو يؤثم من لم يدن بتلك العادة أو يرضاها طريقة له
ملخص تلك التجربة أن مجموعة من العلماء و ضعوا 5 قرود في قفص واحد وفي وسط القفص يوجد سلم وفي أعلى السلم هناك بعض الموز
في كل مرة يطلع أحد القرود لأخذ الموز يرش العلماء باقي القرود بالماء البارد بعد فترة بسيطة أصبح كل قرد يطلع لأخذ الموز يقوم الباقين بمنعه و ضربه حتى لا يرشون بالماء البارد
بعد مدة من الوقت لم يجرؤ أي قرد على صعود السلم لأخذ الموز على الرغم من كل الإغراءات خوفا من الرش بالماء البارد والضرب من بقية القرود
بعدها قرر العلماء أن يقوموا بتبديل أحد القرود الخمسة ويضعوا مكانه قرد جديد
فأول شيء يقوم به القرد الجديد أنه يصعد السلم ليأخذ الموز ولكن فورا الأربعة الباقين يضربونه و يجبرونه على النزول وذلك من تلقاء أنفسهم دون الحاجة إلى الرش بالماء البارد وهذه نتيجة منطقية فبقية القرود الآخرين ذوا خبرة وتجربة أكثر من هذا القرد الجديد
بعد عدة مرات من الضرب يفهم القرد الجديد بأن عليه أن لا يصعد السلم مع أنه لا يدري ما السبب
قام العلماء أيضا بتبديل أحد القرود القدامى بقرد جديد و حل به ما حل بالقرد البديل الأول حتى أن القرد البديل الأول شارك زملائه بالضرب و هو لا يدري لماذا يضرب
وهكذا حتى تم تبديل جميع القرود الخمسة الأوائل بقرود جديدة حتى صار في القفص خمسة قرود لم يرش عليهم ماء بارد أبدا
ومع ذلك يضربون أي قرد تسول له نفسه صعود السلم بدون أن يعرفوا ما السبب
ولو فرضنا وسألنا القرود لماذا يضربون القرد الذي يصعد السلم ؟
أكيد سيكون الجواب : لا ندري ولكن وجدنا آباءنا وأجدادنا هكذا وهكذا تتم صناعة الغباء وتوريثة وتنفيذ البعض لتلك الموروثات الغبية دون ان يسأل نفسه لماذا يفعل ذلك فنحن لا نرى العالم كما هو .. و لكن .. كما رتب لنا أن نراه
ألم يحن الوقت للبعض لكسب الخبرة والتعلم من نظرية القرود؟ فنحن نفعل الشيء ذاته في كثير من شئوننا التي نعالجها سواءا كانت أفكارا أو آراءاً أو سلوكيات كل ما عليك أخي القارئ هو أن تضع أي عادة أو فكرة أو سلوك لا ترى لها سببا واضحاً ومقنعاً في حياتك بدلاً من "الصعود نحو الموز" ثم تسأل نفسك :
من أول من فعل هذا ... ؟
لماذا أقلد غيري في هذا ... ؟
ولماذا غيري يفعل هذا ؟
ولماذا يستميت البعض في الدفاع عن تطبيق بعض الإجراءات بطريقة تقليدية ؟
وهل أنا مثل غيري فأعمل مثل هذا ... ؟
وكان شجاعاً في اتخاذك قرارك إما بالتخلي عن تلك العادة و إما بامتلاكك للإجابة الشافية الكافية لمن يسألك يوماً ما : لماذا تفعل هذا ؟؟
تعليق