الاعجاز الطبي في القرآن الكريم والسنة النبوية ·
- ذاكرة الروائح
كيف استطاع سيدنا يعقوب تمييز رائحة قميص ابنه يوسف على مسافة بعيدة؟ وهل كشف العلماء أسراراً جديدة لحاسة الشم عند الإنسان؟ لنقرأ...
من الانتقادات التي وجهت للقرآن ما جاء في سورة يوسف عليه السلام عندما وجد يعقوب ريح ابنه يوسف قبل أن يصل إلى بيته.
عندما أرسل يوسف قميصه لأبيه وقبل أن يصل القميص أخبرهم يعقوب أنه يجد ريح يوسف، يقول تعالى: (وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ قَالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلَا أَنْ تُفَنِّدُونِ) [يوسف: 94]. والغريب في هذه الآية الكريمة هو كيف استطاع سيدنا يعقوب أن يجد ريح ابنه على مسافة طويلة قبل أن يصل القميص إليه؟
إن هذا الأمر غير منطقي كما يدعي بعض المشككين، ولكن السؤال: هل كشفت الأبحاث العلمية عن أشياء تؤكد صدق ما جاء في القرآن؟
اكتشاف علمي جديد
وجد العلماء أثاراً لعضو ضامر يسمى vomeronasal في أنف الإنسان كان في يوم ما يلتقط الإشارات الكيميائية البعيدة الصادرة عن أشخاص آخرين، ويقول العلماء إن هذا العضو الحساس يقع في الدماغ خلف فتحتي الأنف.
إن هذا العضو الضامر كان عبارة عن ثقبين صغيرين يلتقطان الإشارات الكيميائية التي يفرزها أشخاص آخرون ويحتوي على مجموعة من الأعصاب تستطيع تحليل هذه الإشارات والتعرف على صاحبها!
هذه الخلايا العصبية كانت فعالة منذ آلاف السنين ولكنها فقدت حساسيتها مع الزمن ولم يعد لها مفعول يُذكر، ولكن وكما نعلم هنالك كثير من الحيوانات تتخاطب بلغة الإشارات الكيميائية، مثل النمل مثلاً. ويؤكد العلماء أن هذا العضو كان مستخدماً بفعالية كبيرة لدى البشر في عصور سابقة .
والعلم اليوم يقرر حقيقة علمية وهي ثبات رائحة الإنسان وتميزها عن غيره. فلكل منا رائحة تختلف عن الآخر، حتى إنه ليمكننا القول بأن كل إنسان له بصمة كيميائية تتمثل في أن جسده يفرز مواد محددة تختلف عن أي إنسان في العالم، وتبقى هذه الرائحة مرافقه له في عرقه مثلاً منذ ولادته وحتى الموت.
ويطلق اليوم العلماء مصطلح "ذاكرة الرائحة" للدلالة على وجود تقنيات في دماغ الإنسان تستطيع تذكر الروائح والتفاعل معها بل وتستطيع هذه الروائح إحداث تغييرات فيزيولوجية في الإنسان.
وتؤكد الدكتورة Linda Buck من جامعة هارفارد أن الروائح تستطيع التأثير في سلوك البشر، وتستطيع الروائح تنشيط مناطق كثيرة في الدماغ فتجعل الإنسان يتذكر أشياء ارتبطت برائحة المادة التي يشمها، ويستطيع الإنسان تذكر أشياء مضى عليها عشرات السنين ويربطها بهذه الرائحة.
كيف تحدث القرآن عن هذه الحقائق؟
أحضر إخوة يوسف قميص سيدنا يوسف وفيه رائحة سيدنا يوسف، هذه الرائحة انتقلت مع الريح لتصل إلى أنف سيدنا يعقوب قبل أن تصل القافلة.
وبما أن البشر كانوا يملكون قدرة كبيرة على تحليل الإشارات الكيميائية أو الروائح، فإن سيدنا يعقوب استطاع تذكر رائحة ابنه الذي مضى على غيابه عشرات السنين، بينما بقية أفراد العائلة لم يصدقوا ذلك، إذ أن الجميع يظن بأن يوسف قد أكله الذئب، ولذلك قالوا له: (قَالُوا تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلَالِكَ الْقَدِيمِ) [يوسف: 95].
إذن ما جاء في القرآن موافق للمنطق العلمي وللمكتشفات الجديدة ولا يناقضها أبداً.
وإذا تأملنا قصة سيدنا يعقوب عليه السلام عندما ابيضَّت عيناه بسبب حزنه على ولديه يوسف وأخيه، نجد أن العمى حدث نتيجة صدمة نفسية، أي أن السبب نفسي وليس عضوي. وبكلمة أخرى لم يكن هنالك خلل في العين بل إن الخلل حدث في الدماغ في منطقة الرؤيا.
ورائحة قميص يوسف أو كما سمَّاها (ريح يوسف) قد أثَّرت ونشَّطت هذه المنطقة من الدماغ أي منطقة الرؤيا، وتذكَّر على الفور ابنه يوسف وتأكد أنه لا يزال حياًّ، وبالتالي فإن السبب الذي أدى إلى الخلل في الرؤيا قد انتفى، مما أدى إلى تصحيح الخلل في الرؤيا.
إن القرآن لا يقول إلا الحق، وأن كل كلمة جاء بها القرآن هي الصدق المطلق، اللهم انفعنا بما علمتنا.