الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم
وبعد :
الحديث عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم حديث ممتع شيّق لا تمل النفوس المؤمنة من سماعه وتنجذب له الأرواح .
وسوف اتناول جانبا واحدا من جوانب سيرته العطرة صلى الله عليه وسلم جانبا مدحه به ربه وجعله سببا في إرساله للخلق أجمعين ألا وهو جانب
( الرحمة )
فيض من الرحمة تراه في قسمات وجهه الوضاء، في سكناته وحركاته، في صمته وكلماته، رحيم مع القريب والغريب، مع العدو والصديق، مع الأسير والطليق.
هذا الإنسان الذي تعجز عن وصفه الكلمات، جاء بمنهج شامل للحياة. الرحمة ركيزة من ركائزه. علّمنا بمواقفه العظيمة كيف نغزل شباك الرحمة وننسج منها ثوبًا، نهديه إلى من حولنا؛ ليتحول العدو إلى حبيب بتلك اللمسة الحانية.
وللرحمة عند المصطفى صلى الله عليه وسلم مظاهر شتى ومتعددة. وسنعرض لبعض من هذه المظاهر. وما هذه اللمحات سوى غيض من فيض لمن أراد أن يعرف نبذة عن أرحم الخلق أجمعين.
قال تعالى : {وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين}.
إن المتأمل يا عباد الله في الآية السابقة يلحظ أن الله تعالى وصف رسوله صلى الله عليه وسلم بأنه رحمة للعالمين فلم يقل : رحمة للمؤمنين ، مما يدل على أن إرساله رحمة ٌلغير المسلمين أيضا فكيف يكون ذلك ؟
قال ابن عباس رضي الله عنه : من تبعه كان له رحمة في الدنيا والآخرة ومن لم يتبعه عوفي مما كان يُبتلى به سائر الأمم من الخسف والمسخ والقذف .
وأما رحمته بالمؤمنين صلى الله عليه وسلم فأكثر من أن تحصر فقد فطر الله في قلبه الرحمة كما في
قوله تعالى ) فبما رحمة من الله لنت لهم )
لذلك حض على الرحمة وربطها برحمة الله فقال صلى الله عليه وسلم ( الراحمون يرحمهم الرحمن ارحموا من في الأرض يرحمْكم من في السماء ) رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن صحيح
وفي الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رُفع له ابن بنته وهو صبي صغير ونفسه تتقعقع من الموت ففاضت عيناه عليه الصلاة والسلام فقال سعد بن عبادة : ماهذا يا رسول الله ؟ فقال :( هذه رحمة جعلها الله في قلوب عباده ، وإنما يرحم الله من عباده الرحماء )
وكم نسمع من الأحاديث التي فيها قوله صلى الله عليه وسلم ( لولا أن أشق على أمتي ) مما يدل على أنه بأبي هو وأمي قد يترك الأمر أحيانا رحمة بأمته ألا تطيق ذلك .
ومن مظاهر رحمته صلى الله عليه وسلم رحمته بالصغار ، فقد كان يقبل الصغار ويداعبهم بل ويكنّيهم ، روى البخاري عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأخذني فيقعدني على فخذه ويقعد الحسن بن علي على فخذه الآخر ثم يضمهما ثم يقول : ( اللهم ارحمهما فإني أرحمهما ) .
وروى البخاري أيضا من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال : إن كان النبي صلى الله عليه وسلم ليخالطنا حتى يقول لأخ لي صغير : يا أبا عمير ما فعل النغير والنغير تصغير نغر وهو طائر يلعب به ذلك الصبي فمات .
إن رحمة رسول الله صلى الله عليه وسلم قد تجاوزت حدود البشر حتى وصلت إلى البهائم والحيوانات سابقة قبل قرون طويلة ما يسمى بجمعيات الرفق بالحيوان ، فعن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فانطلق لحاجته فرأينا حُمّرة( طائرا صغيرا ) معها فرخان ، فأخذنا فرخيها فجاءت الحمّرة فجعلت تُفرّش ( أي ترفرف ) فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال : من فجع هذه بولدها ؟ ردّوا ولدها إليها. رواه أبو داود، بل إن رحمته بالحيوان بلغت مبلغا أشد من ذلك حتى عند الذبح ، فعن شداد بن أوس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إن الله كتب الإحسان على كل شيء فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته ) رواه مسلم . إنها رحمة ما عرف التاريخ مثلها أبدا .
(رحمته باليتيم)
عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا وأشار بالسبابة والوسطى وفرج بينهما». (رواه البخاري).
حين أردت أن أطالع ما تقدمه الشعوب والحكومات والمنظمات لليتيم حتى تنسيه ما به من هم وتشعره بالرحمة، لم أجد ما يوازي هذه المكافأة التي وعد رسول الله بها كافل اليتيم وهي مجاورته في الجنة.
أي تحفيز هذا على الرحمة باليتيم ومباشرة أموره؟
تُرى ماذا سيكون حال المسلم حين يعرف نتيجة رحمته باليتيم؟
حتما سيهرول ويبحث عن يتيم يكفله ويعتني به ويرحمه.
وحين تتأمل هذا الحديث تشعر أن هناك إشارة ما بأن بين درجة الرسول ودرجة كافل اليتيم قدرًا بسيطًا جدًا، وهو القدر الذي يفصل بين السبابة والوسطى. مما يدفعك ويحثك لبذل كل طاقتك لرحمة اليتيم والاعتناء به.
ومن رحمته باليتيم أن قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من ضم يتيمًا بين مسلمين في طعامه وشرابه حتى يستغني عنه وجبت له الجنة». (رواه أبو يعلى والطبراني وأحمد).
عن ابنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، أَنَّ نبيَّ الله صلى الله عليه وسلم قالَ: «مَنْ قَبَضَ يَتِيمًا مِنْ بَيْن المُسْلِمينَ إلىَ طَعَامِهِ وَشَرَابِهِ أَدْخَلَهُ الله الجَنَّةَ البَتَّةَ إلاَّ أَنْ يَعْمَلَ ذَنْبًا لا يُغْفَرُ له». (رواه الترمذي).
والأحاديث التي تبين فضل الرحمة باليتيم كثيرة.
لم تقف وصايا الرسول ورحمته باليتيم عند هذا الحد، بل لقد وصف علاجًا جميلاً لكل من عانى من قسوة القلب، أن يمسح على رأس يتيم لتذوب قسوة قلبه، ويعود قلبه رقيقًا صافيًا كما ولد به.
عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: «أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل يشكو قسوة قلبه. قال: أتحب أن يلين قلبك وتدرك حاجتك؟ ارحم اليتيم وامسح رأسه وأطعمه من طعامك، يلن قلبك وتدرك حاجتك». (رواه الطبراني).
هذا العلاج النبوي لقسوة القلب، علاج بسيط، ولكنه عند الله عظيم.
إنه بداية لمسار الرحمة في هذا القلب. وكم هو جميل أن يبدأ هذا المسار برحمة ليتيم ومسح على رأسه.
أي تحفيز هذا على الرحمة باليتيم ومباشرة أموره؟
تُرى ماذا سيكون حال المسلم حين يعرف نتيجة رحمته باليتيم؟
حتما سيهرول ويبحث عن يتيم يكفله ويعتني به ويرحمه.
وحين تتأمل هذا الحديث تشعر أن هناك إشارة ما بأن بين درجة الرسول ودرجة كافل اليتيم قدرًا بسيطًا جدًا، وهو القدر الذي يفصل بين السبابة والوسطى. مما يدفعك ويحثك لبذل كل طاقتك لرحمة اليتيم والاعتناء به.
ومن رحمته باليتيم أن قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من ضم يتيمًا بين مسلمين في طعامه وشرابه حتى يستغني عنه وجبت له الجنة». (رواه أبو يعلى والطبراني وأحمد).
عن ابنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، أَنَّ نبيَّ الله صلى الله عليه وسلم قالَ: «مَنْ قَبَضَ يَتِيمًا مِنْ بَيْن المُسْلِمينَ إلىَ طَعَامِهِ وَشَرَابِهِ أَدْخَلَهُ الله الجَنَّةَ البَتَّةَ إلاَّ أَنْ يَعْمَلَ ذَنْبًا لا يُغْفَرُ له». (رواه الترمذي).
والأحاديث التي تبين فضل الرحمة باليتيم كثيرة.
لم تقف وصايا الرسول ورحمته باليتيم عند هذا الحد، بل لقد وصف علاجًا جميلاً لكل من عانى من قسوة القلب، أن يمسح على رأس يتيم لتذوب قسوة قلبه، ويعود قلبه رقيقًا صافيًا كما ولد به.
عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: «أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل يشكو قسوة قلبه. قال: أتحب أن يلين قلبك وتدرك حاجتك؟ ارحم اليتيم وامسح رأسه وأطعمه من طعامك، يلن قلبك وتدرك حاجتك». (رواه الطبراني).
هذا العلاج النبوي لقسوة القلب، علاج بسيط، ولكنه عند الله عظيم.
إنه بداية لمسار الرحمة في هذا القلب. وكم هو جميل أن يبدأ هذا المسار برحمة ليتيم ومسح على رأسه.
تعليق