المتَّفق عليه من زوجات الرسول إحدى عشرة
القرشيات منهن ست: خديجة بنت خويلد، وسودة بنت زمعة، وعائشة بنت أبي بكر، وحفصة بنت عمر بن الخطاب، وأم سلمة، وأم حبيبة.
والعربيات من غير قريش أربع، هن: زينب بنت جحش، وجويرية بنت الحارث، وزينب بنت خزيمة، وميمونة بنت الحارث.
وواحدة من غير العرب وهي صفية بنت حيي من بني إسرائيل.
وهناك اختلاف في عدد أزواج النبي اللاتي دخل بهن على قولين؛ أنهن إثنتا عشر أو إحدى عشر، وسبب الاختلاف هو في مارية القبطية، هل هي زوجة له أم ملك يمين.(الحافظ العراقي, ألفية السيرة النبوية)
وتوفِّيت اثنتان من زوجات النبي محمد صلى الله عليه وسلم حال حياته، وهما خديجة بنت خويلد وزينب بنت خزيمة، وتُوفي صلى الله عليه وسلم عن تسع نسوة. كما أثبت العلماء زوجات للنبي صلى الله عليه وسلم عقد عليهن ولم يدخل بهن.
أمهات المؤمنين : لقد اختص الله سبحانه نساء النبي صلى الله عليه وسلم بخصائص لم تجتمع لغيرهن، ومن أمثلة ذلك:
اختارت أمهات المؤمنين الله ورسوله، ورضين بالحياة الضيقة ماديا في بيت النبي، ولهن عند الله في ذلك الثواب الجزيل، قال تعالى:{ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًاوَإِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا } [الأحزاب:28- 29].
اختارت أمهات المؤمنين القنوت والصلاح فأوتين أجرهن مرتين قال تعالى:{ وَمَن يَقْنُتْ مِنكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُّؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقًا كَرِيمًا } [الأحزاب:31].
خصوصيتهن بحرمة الزواج من بعد رسول الله: { وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلاَ أَن تَنكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمًا} [الاحزاب:53].
وقوله سبحانه ببيان مكانتهن الأسمى طهرا كونهن آل بيت رسول الله واللاتي أدركن ما ينزل عليه من آيات وحكمة، يقول الله تعالى: { وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاَةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا } [الأحزاب: 33]
كلفت أمهات المؤمنين برواية ما يتلى من الحكمة على المسلمين، يقول الله: { وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ} [الأحزاب: 34].
ومن خصائصهن عدم جواز استبدال النبي صلى الله عليه وسلم بهن أزواجا آخرين، لقوله سبحانه: {لا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيبًا} [الأحزاب:52] .
وفي الآية التالية نتبين خصيصة عدم جواز إيذاء أمهات المؤمنين بكسر حرمتهن، وقد أمر الله المؤمنين أن لا يخاطبوهن إلا من وراء حجاب فقال: {وإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ}[الأحزاب:53].
وفيهن نزلت الآيات الكثيرة التي نستدل منها على وجوب الحجاب على نساء المسلمين، وقد كن أول من امتثل لأمر الله تعالى، وهو الحق يقول تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأِزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلاَبِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلاَ يُؤْذَيْنَ} [الأحزاب: 59].
الحياة في بيت النبوة
كانت علاقة النبي صلى الله عليه وسلم بأزواجه تجمعها كونه بشرا ورسولا بآن واحد، وقد كان يتلقى من حين إلى حين وحي ربه في أخص الشئون الزوجية، وكانت علاقاته بأزواجه تخضع أحيانا لتوجيه إلهي صريح.
سنرى في محنة الإفك مثلا نزول الوحي ببراءة "عائشة" مما افتراه عليها الذين أرجفوا بالسوء.. وزواج الرسول من "زينب بنت جحش" ما كان ليتم لولا أن نزل به عتاب صريح من الله الذي كره لمحمد أن يخفي في نفسه ما الله مبديه، وأن يخشى الناس والله أحق أن يخشاه.
وسلوك نسائه رضي الله عنهن، كن يخضع لرقابة مباشرة من الوحي، على نحو غير مألوف في حياة غيرهن، والله تعالى يقول: {يا نساء النبي لستن كأحد من النساء إن اتقيتن فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولا معروفا}[الأحزاب: 32-34].
استطاع النبي احتواء عقائل كريمات اختلفت أجناسهن وألوانهن وتباعدت أصولهن ومنابتهن، وتفاوتت أعمارهن وصورهن وشخصياتهن، ببيت واحد.
وتاريخ الإسلام يعترف لهؤلاء السيدات الكريمات، بأنهن كن دائما في حياة الرسول البطل، يصحبنه حين يخرج في معاركه ومغازيه، ويهيئن له ما يرضي بشريته، ويغذي قلبه، ويمتع وجدانه، ويجدد نشاطه، فكان له من ذلك كله ما أعانه على حمل العبء الثقيل، واحتمال ما لقي في سبيل دعوته الخالدة من تكاليف بالغة الصعوبة.
وحياة محمد صلى الله عليه وسلم في بيته تبدو رائعة في بشريتها، فقد كان يؤثر أن يعيش بين أزواجه رجلا ذا قلب وعاطفة ووجدان، ولم يحاول إلا في حالات الضرورة أن يفرض على نسائه شخصية النبي لا غير. (سيدات بيت النبوة لبنت الشاطيء)
تعليق