تلبس الجن في الإنس
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله --- اما بعد
اولا أنه لا يجوز لهؤلاء الذين يعنون بإخراج الجني المتلبس بالإنسي إلا بتلاوة قرآن فقط كما جاء عن الرسول عليه السلام أو كما جاء عن ابن تيمية نفسه وكان يحكي ذلك عن نفسه، وأما أكثر من ذلك كما نسمع اليوم ف هذا لا يجوز في دين الإسلام؛ ولذلك علينا أن نتقي الله عز وجل في كل شيء.
الطرق الشرعية لإخراج الجني من الإنسي ؟
الطريقة الوحيدة .. وهي تلاوة القرآن.أردت أن أقول أن مس الجن للإنس هذه حقيقة شرعية لا سبيل لإنكارها، وفي القرآن الكريم آية يُشبِّه ربنا عز وجل فيها: {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ}
فهذه الآية تشير إلى أن الشيطان يمس الإنسان ويتلبسه بحيث يجعله يصطرع، وانصراع الإنس حقيقة واقعة لا يمكن إنكارها؛ لأننا نراه يرتمي أرضاً ويخرج الزبد من فمه وتتطور مظاهر بدنه ويعترف الطب إلى أنه لا معالجة لديه لهذه الظاهرة، بينما النبي - صلى الله عليه وآله وسلم –
قد عالج بعض الناس في زمانه بتلاوته بعض الآيات الكريمة ومخاطبته عليه السلام للشيطان الذي كان متلبساً بذاك الإنسان، ثم جرى على هذا بعض العلماء الأفاضل الذين نعتقد بأنهم أبعد العلماء عن الخرافة وعن الدجل وأن يمشي من تحتهم الزغل ألا وهو شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله،
فقد كان مشهوراً بمعالجته لأمثال هؤلاء المصابين، فهذه حقيقة لا يمكن إنكارها، لكن أردت أن أقول بأن الناس اليوم داخلتهم كثير من الأوهام؛ بحيث أنه بمجرد أن يصاب
أحدهم بشيء ولو كان أمراً طبيعياً إلا ويتوهم أن هناك سحراً، أو يكون هناك جني متلبس يحول بين المسلم أو المسلمة وما يريدون، هذا كثيراً ما يقع
الشاهد الآن هناك وسوسة حول هذه الناحية مع أن هذه حقيقة فتوسَّعوا فيها، واستُغلت هذه الوسوسة من كثير من الناس الذين يريدون أن يصطادوا في الماء العكر حتى بعض النساء يتعاطون هذه المهنة ويتعاطون مع قراءة بعض الآيات وقد لا يحسنون تلاوتها أمور هي عين الدجل، ولذلك الذي ينبغي أن يكون موقف المسلم من هذه الظاهرة هو الإيمان بما سبق ذكره آنفاً أن الجني قد يتلبس بالإنسي، وأن معالجة هذه المشكلة إنما يكون بتلاوة القرآن فقط، فمن أصيب بشيء من هذا فعليه أن يسأل عن المشايخ الذين يتعاطون التلاوة في حدود الأحكام الشرعية ولا يتوسعون في ذلك، بعضهم يستعملون الزيت، وبعضهم يستعملون الماء الذي ألقي على إناء مقروءاً مكتوباً عليه بعض الآيات، وهذه
مع الأسف يفتي به بعض القدامى والمحدثين من العلماء، ولكن لا أجد لهم في ذلك سلفاً.
حكم الاستعانة بالجن لعلاج المصروع
لا يجوز إلا ما من قراءة القرآن على الممسوس بالجن، أما الاستعانة بالجن على ما ذُكر أو غير ذلك فهذا أولاً خلاف السنة العملية التي جرى عليها الرسول عليه السلام، ومن اهتدى بهداه، وثانياً إنه مخالف لقوله تعالى: {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا}
فالاستعاذة والاستعانة بمعنى واحد، فلا يجوز لمن ابتلي في هذا العصر الحاضر ونصَّب نفسه لإخراج الجن من المصابين بمس منهم، بأن يتلو عليهم بعض الآيات، وبعض الاستعاذات المشروعة في السنة الصحيحة، هذا جائز وما سواه فضلال.
والشيطان إذا صح التعبير أشطن من الأمريكان والبريطان وغيرهم، لأنهم يطلبون المعونة من شياطين الجن، لذلك أعني أن شياطين الإنس حينما يريدون أن يصلوا إلى بعض أهدافهم غير المشروعة،
يقدمون بين يدي ذلك طُعماً، يعنيمصيدة يصطادون بها الفريسة بتقديم شيء تشتهيه نفوسهم وتطمئن إليه قلوبهم، هكذا يفعل شياطين الإنس، فما بالكم بشياطين الجن الذين لا نعرف عنهم شيئاً سوى أنهم قد يقدمون بعض العلاجات وهي كما قلت آنفاً يعتبر مصيدة تعمل لاستدراج هذا المستعين بالجن
، ولذلك لا نجيز استعانة مسلم بالجن الذي يوهم الإنسي بأنه مسلم مؤمن بالله ورسوله، ويظهر أنه صالح وأنه يريد أن يعين إخوانه المسلمين من الإنس، هذا أمر غيب لا يمكن للمسلم الإنسي أن يطمئن إليه، ونحن نعلم بالتجربة أحدنا يعاشر مثيله من الإنس سنين طويلة، وإذا هو بعد ذلك تبين له بأنه عدو مبين، وهو إنسي مثل حكايته، ويركن إليه ويطمئن ويعتمد عليه،
لكن بعد زمن طويل يتبين أن هذا التظاهر كله كان في سبيل الوصول إلى هدف له، هذا الهدف كان مجهولاً بالنسبة للآخر، وهذا بين إنسي وإنسي طبيعتهما واحدة، تفكيرهما واحد .. إلى آخره، فما بالكم بإنسي يستعين بجني،
حكم التنويم المغناطيسي وحكم الاستعانة بالجن
هذه وسائل غير شرعية، ولا يمكن الاطلاع على الغيب بهذه الطرق المبتدعة، ومن الثابت بالأحاديث الصحيحة عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - النهي الجازم القاطع عن إتيان الذين يَدَّعون اكتشاف المغيبات، من ذلك قوله عليه الصلاة والسلام: «من أتى كاهناً فصدَّقه بما قال فقد كفر بما أنزل على محمد - صلى الله عليه وآله وسلم -»
وفي حديث آخر: «من أتى عرافاً فسأله عن شيء فصدقه لم يقبل له صلاة أربعين يوماً» وهذا الحديث الثاني وبلفظ: «من أتى عرافاً» يَصدُق على كل هؤلاء العرافين الذين يتعاطون وسائل غير معروفة عند الجماهير يزعمون أنهم يكتشفون بها، ويتعرفون بها على أمور غيبية عند جماهير الناس، وبذلك يقع فتنة بين الناس، فقد يُتهم البريء، وقد يُبرَّأ المتهم، فقوله عليه السلام:
«من أتى عرافاً فسأله عن شيءفصدقه لم يقبل له صلاة أربعين يوماً»،
ولذلك فلا يجوز للمسلم أن يأتي مثل هذا العراف، مهما كانت وسيلته، وفي الحديث الآخر مما يؤكد الأحاديث السابقة، وبعضها في صحيح مسلم، قال عليه السلام: «من أتى عرافاً أو كاهناً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد» ف التنويم هذا هو من هذه الوسائل الغيبية عن الناس، والتي لا يستطاع أن يثبت صحتها أو بطلانها، وما كان كذلك فلا ينبغي أن يُتخذ وسيلةً شرعية لاتهام الأبرياء و بكلمة مختصرة في اعتقادي "تدجيل عصري" .. ، دجل يتناسب مع الزمن والرقي المزعوم
والحمد لله رب العالمين