إخلاص العبودية لله و توحيد الاتباع
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله --- اما بعد
[قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -]:
«إن الله عز وجل لا يقبل من العمل إلا ما كان له خالصاً وابتغي به وجهه».
فهذا الحديث وغيره يدل على أن المؤمن لا يقبل منه عمله الصالح إذا لم يقصد به وجه الله عز وجل، وفي ذلك يقول تعالى: {فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا، ولا يشرك بعبادة ربه أحدا}. فإذا كان هذا شأن المؤمن فماذا يكون حال الكافر بربه إذا لم يخلص له في عمله؟ الجواب في قول الله تبارك وتعالى: {وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا}.
وروى الإمام أحمد وغيره عن جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنه قال:
«رأى رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - في يد عمر صحيفة، فسأله عنها، فقال رضي الله عنه: هذه صحيفة من التوراة كتبها لي رجل من اليهود، فقال عليه الصلاة والسلام: يا ابن الخطاب! أمتهوكون أنتم كما تهوكت اليهود والنصارى، والذي نفس محمد بيده لو كان موسى حياً لما وسعه إلا اتباعي»
في هذا الحديث ما يشرح لنا جانباً من جوانب شهادة أن محمداً رسول الله، ذلك أن كثيراً من المسلمين ينطقون بالركن الأول من الإسلام: لا إله إلا الله محمد رسول الله، ولكن الكثير من هؤلاء ينطقون بما لا يفهمون معناه على وجه الصحة، فاما الشهادة الأولى: لا إله إلا الله، وأنها تعني: أنه لا معبود بحق في هذا الوجود إلا الله تبارك وتعالى، هذا المعنى الموجز وهو المعنى الصحيح لهذه الكلمة الطيبة: لا إله إلا الله يجهل هذا المعنى كثير ممن ينطقون بهذه الكلمة، ولسنا الآن في صدد شرح هذا المعنى الصحيح:
لا معبود بحق إلا الله، فإنها تستلزم ألا يتوجه المسلم إلى غير الله تبارك وتعالى بشيء من العبادات مطلقاً، كما يفعله كثير من الناس اليوم من دعاء غير الله، والنذر لغير الله، والذبح لغير الله، والحلف بغير الله إلى غير ذلك من الأمور كل ذلك ينافي قول المسلم وشهادة المؤمن: لا إله إلا الله، لأن هذه الأمور التي ذكرناها كلها عبادات لا يجوز التوجه بها إلا إلى هذا الإله رب السماوات والأرض.
ومع ذلك فنجد هؤلاء المسلمين الذين أشرنا إليهم يذهبون إلى القبور فيذبحون هناك، وينذرون النذور، وقد يطوفون حول بعض القبور، زعموا استشفاء، طلباً للاستشفاء ممن لو كان حياً لما استطاع أن يرد المستشفي به شفاءً
لأنه لا شافي إلا الله تبارك وتعالى، فكيف بهم وهم يطلبون الشفاء من الموتى من الذين أصبحوا تراباً رميماً، فهذا مما ينافي شهادة التوحيد
اما عن الشهادة الثانية التي لا يتم إيمان المؤمن إلا بها، فمن شهد أن لا إله إلا الله ثم لم يتبعها بشهادة أن محمداً رسول الله لم تنفعه الشهادة الأولى، لذلك كان مقرراً بين المسلمين جميعاً أن الركن الأول مما بني عليه الإسلام هي شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، ولكن هذه الشهادة من الشهادة لله بالوحدانية ولنبيه بالرسالة لا تنجي صاحبها من الخلود في النار إلا إذا فهمها قبل كل شيء فهماً صحيحاً,
إلا إذا حققها في منطلقه في حياته تحقيقاً صادقاً، فكيف يكون تحقيق شهادة أن محمداً رسول الله؟ أيكون ذلك بمجرد أن نطيعه في بعض ما أتانا به عن الله عز وجل، ونخالفه إلى أمور لم يأت بها رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - عن الله تبارك وتعالى، هذا ما أريد أن أبينه الآن في هذه الكلمة
.
فإذاً: نعلم أن قول المسلم:
فإذاً: نعلم أن قول المسلم:
وأشهد أن محمداً رسول الله، أو وأشهد أن محمداً عبده ورسوله لا يتحقق هذا المعنى حتى يخلص له عليه الصلاة والسلام في اتباعه كما يخلص لربه في توحيده، فمعنى الشهادتين أن تخلص لله عز وجل في عبادته فلا تشرك معه أحداً في شيء من العبادات كما ذكرنا،
وأن تخلص لرسوله عليه الصلاة والسلام في اتباعه فلا تشرك معه متبوعاً غيره، ولئن فعل ذلك إنسان فلن يؤمن به إيماناً خالصاً صادقاً، مصداق هذا الذي أقوله حديث جابر السابق، فقد قال الرسول عليه الصلاة والسلام لعمر: والذي نفسي بيده لو كان موسى حياً ما وسعه إلا اتباعي» فإذا كان موسى عليه الصلاة والسلام
وهو الذي كلمه الله تكليماً وأنزل عليه التوراة، مع ذلك لو كان في زمن الرسول عليه الصلاة والسلام ما وسعه إلا إتباعه، فكيف يكون حال من ليس من الأنبياء والرسل، فلابد أن يكون هذا أوجب وأوجب أن يتبع الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم -، وما معنى أن يتبع الرسول؟
كمعنى يعبد الله، ما معنى يعبد الله؟ أي: لا يعبد غيره، يعبد الله وحده لا شريك له، وما معنى أن يتبع الرسول؟ أي: يتبعه وحده لا يتخذ معه متبوعاً غيره، وذلك لأن موسى نبي الله بل وكليم الله، فهذه الصحيفة التي رآها الرسول عليه السلام في يده كأنه يقول له: ألم يكفك ما أتيتك يا عمر من الله من وحي السماء حتى تشرك فيما أتيتك به ما أنزل الله على موسى وقد صار ما أنزل الله على موسى شرعاً منسوخاً، لأن الله عز وجل أنزل القرآن على قلب محمد عليه الصلاة والسلام، وجعله مهيمناً مسيطراً على سائر الكتب والشرائع التي كانت من قبل، فإذا كان موسى بشريعته لا يسعه إلا أن يدع شريعته ويخلص في إتباعه لرسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -.
وهاهنا بيت القصيد في هذه الكلمة، فإذا كان موسى لا يسعه إلا اتباع الرسول عليه السلام ولا يتبع شريعته؛ تُرى إذا اخترع مخترعٌ ما طريقةً أو منهجاً أو حزباً أو أي شيئاً آخر لم يأت به رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - فاتبعه فلا يكون حين ذلك قد أخلص للرسول عليه الصلاة والسلام في الاتباع،
وبالتالي لا يكون حقق معنى هذه الشهادة: وأن محمداً رسول الله، لأن هذه الشهادة تسلتزم اتباع الرسول فيما أرسله الله به من الحق والنور، فإذا افترضنا أن إنساناً اتبع غير رسول الله أقول: إذا افترضنا وهذه فرضية واقعة في صور شتى وطرائق قدداً، فإذا فرضنا أن إنساناً اتبع غير رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - ولو في بعض المسائل وهو يعلم أن الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - لم يأت بهذه المسائل من عند الله عز وجل، ومع ذلك اتبع هذا الإنسان أو هذه الطريق أو هذا
المذهب أو الحزب فما يكون مخلصاً في إتباعه للرسول عليه الصلاة والسلام،
وإلا فحينما رأى الرسول عليه السلام في يد عمر الصحيفة هل يظن ظان أن عمر أراد أن يستبدل الصحيفة بالشريعة الإسلامية أو أن يعرض عن الشرعية الإسلامية، أو عن الرسالة التي دعاه الرسول عليه السلام إليها وصدقه عليها وآمن بها، هل يدعها إلى اتباع التوراة؟ هذا ما لا يحصل في بال الإنسان مطلقاً، إذاً: ما هو الذي أنكره الرسول عليه الصلاة والسلام على عمر بن الخطاب حينما قال له تلك الكلمة العظيمة: «أمتهوكون أنتم كما تهوكت اليهود والنصارى» أي: أمنحرفون أنتم عن شريعة الله كما انحرف اليهود والنصارى عن شريعة الله
«والذي نفس محمد بيده لو كان موسى حياً لما وسعه إلا اتباعي» فإذا كان عمر لا يعقل أن ينحرف عن اتباع الرسول عليه السلام قيد شعرة فما الذي أنكره الرسول عليه الصلاة والسلام على عمر؟ ..
الذي خشيه رسول الله على عمر: أن يشرك مع الرسول اتّباعه غيره من الأنبياء والرسل، فماذا نقول للذين يشركون مع الرسول اتّباع غير الأنبياء والرسل؟ هؤلاء أشد إنكار من إنكار الرسول على عمر بن الخطاب رضي الله تبارك وتعالى عنه.
إذا عرفنا هذا فالله عز وجل يقول: {اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ}
إذا عرفنا هذا فالله عز وجل يقول: {اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ}
ما معنى قوله تعالى: {ولا تتبعوا من دونه أولياء} أي: لا تتخذوا أشخاصاً تتبعونهم كما لو كان أنزل عليهم من السماء، أي: كما تتبعون رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -، فاتباع غير رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - معناه شيئان اثنان:
أولاً: الشك في أن الرسول عليه الصلاة والسلام أدى الرسالة وبلغ الأمانة، ومن شك في هذا فهو كافر ومرتد عن دين الإسلام،
والشيء الآخر: الإشراك، إشراك شخص مع الله عز وجل في التشريع، والله تبارك وتعالى أنكر أن يكون له شركاء، فيقول عزوجل: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ}
فلا يجوز لمسلم أن يشرع من عند نفسه شيئاً مهما حقر وصغر، وبالتالي لا يجوز لمسلم أن يتبع هذا المشرع ولو في أدنى مسألة وأحقرها، فالذي يشرع المسألة من عند نفسه أشرك مع الله تبارك وتعالى، فلم يؤمن بحقيقة لا إله إلا الله، ومن اتبع هذا المشرع من دون الله فقد اتخذه شريكاً مع الله، وبالتالي لم يوحد الرسول في اتباعه وحده ولم يخلص له في ذلك.
ولهذا لما أنزل الله عز وجل على قلب محمد عليه الصلاة والسلام قوله عز وجل:
{اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ}
كان في المجلس أحد الصحابة ممن كان تعلم القراءة والكتابة، وبالتالي كان تنصر قبل بعثة الرسول عليه السلام من بين العرب الوثنيين، ألا وهو عدي بن حاتم الطائي، لما نزلت هذه الآية كان هو قد أسلم وكفر بالنصرانية وآمن بالله ورسوله، ولكنه كان على علم بما كان عليه النصارى، فأشكل عليه قول ربنا تبارك وتعالى في حق النصارى: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ} قال: يا رسول الله! والله ما اتخذناهم أرباباً من دون الله، خفي عليه معنى: اتخاذ النصارى الأحبار والقسيسين أرباباً من دون الله، توهموا أن المقصود في هذه الآية أنهم اعتقدوا أن القسيسين والرهبان يخلقون مع الله، فبين له الرسول عليه السلام المقصود من هذه الآية، وأنه ليس ذلك الفهم الذي عرض له، فقال له على طريقة السؤال والجواب، قال: ألستم كنتم إذا حرموا لكم حراماً حرمتموه وإذا حللوا لكم حلالاً حللتموه؟ قال: أما هذا فقد كان، فقال عليه الصلاة والسلام: ذلك اتخاذكم إياهم أرباباً من دون الله، حينما كان القسيسون يقول هذا حلال فيقولون: حلال، أو قالوا هذا حرام فيقولون حرام، والواقع أن هذا التحريم والتحليل صدر من عند أنفسهم، ولم
يتنقله بواسطة نبيهم عن ربهم، فبين الرسول عليه السلام أن هذا هو معنى {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ}
فكفرت طائفتان، الطائفة التي حللت وحرمت لنفسها، والطائفة الأخرى التي اتبعتهم على عماها كما يقولون دون بصيرة من شريعة الله تبارك وتعالى، ولهذا فالمسلم إذا أخلص للرسول عليه الصلاة والسلام في الاتباع كان ذلك عصمة له من أن يزل في التوحيد لله تبارك وتعالى في عبادته، فكأن توحيد الله في عبادته وإفراد الرسول في اتباعه أمران مرتبطان لا ينفك أحدهما عن الآخر
، فمن أراد أن يكون من المؤمنين الصادقين المخلصين في شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله فلابد له أن يوحد رسول الله في الاتباع، كما يوحد الله في العبادة، فمن أخل بهذا، أي: من أخل في توحيد الرسول في الاتباع فشأنه شأن من أخل في توحيد الله في العبادة، فكل من التوحيدين إذا صح هذا التعبير توحيد الله في عبادته وتوحيد الرسول في اتباعه ركن من أركان الإسلام، إذا اختل أحدهما انهار هذا الإسلام من أُسه وأصله.
وإذا عرفنا هذا يتبين لنا خطر ما وصل إليه بعض الناس اليوم من الإخلال بهذا الإخلاص لرسول الله في الاتباع، فجعلوا الإخلاص في الاتباع لغير رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - , وأنا أذكر لكم بعض الأمثلة:
هناك بعض المشايخ الطرقيين قديماً وحديثاً يلقنون أتباعهم ومن يسمونهم بمريديهم مثل الجمل الآتية: المريد بين يدي الشيخ كالميت بين يدي غاسله، هذا الكلام نقلوه من رسول الله والمؤمنون به فخصوا به المشايخ لو قال مسلم: المسلم بين يدي الرسول عليه الصلاة والسلام كالميت بين يدي الغاسل, فربما يكون فيه شيء من الغلو من حيث التعبير, أما من حيث المعنى فهذا مصداق قول الله تبارك وتعالى: {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا في أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}
هناك بعض المشايخ الطرقيين قديماً وحديثاً يلقنون أتباعهم ومن يسمونهم بمريديهم مثل الجمل الآتية: المريد بين يدي الشيخ كالميت بين يدي غاسله، هذا الكلام نقلوه من رسول الله والمؤمنون به فخصوا به المشايخ لو قال مسلم: المسلم بين يدي الرسول عليه الصلاة والسلام كالميت بين يدي الغاسل, فربما يكون فيه شيء من الغلو من حيث التعبير, أما من حيث المعنى فهذا مصداق قول الله تبارك وتعالى: {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا في أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}
هذا التسليم إذا عبر عنه معبر مسلِّم بتلك الكلمة أو لو قال: المسلم بين يدي الرسول كالميت بين يدي الغاسل لكان أصاب هذا المعنى ولو أننا لا نقره في تعبيره، فما بالكم وقد أقروا التعبير والمعنى كليهما معاً وجعلوه لمن؟ لرسول الله، لا لغير رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -،
فأين إخلاص الاتباع لرسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -، وهم قالوا في غير الرسول من متبعوعيهم ما لم يقولوه لرسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -، أضف إلى ذلك كلمة أخرى مشهورة بينهم:
من قال لشيخه: لمه لا يفلح أبداً. بينما نحن نجد أصحاب الرسول عليه السلام قد قالوا له في مناسبات شتى: لم يا رسول الله؟ فلم ينكر عليهم، لأنه يعلم أنهم يسألون ليستفسروا عما يكون قد غاب عليهم، أما هؤلاء الذين نسبوهم وأنزلوهم منزلة الرسول المعصوم فقد قالوا فيهم: من قال لشيخه: لمه لا يفلح أبداً، وليس هذا فقط،
بل من قال لشيخه في المنام لمه لا يفلح، وهذا مذكور في كتاب مشهور وهو كتاب إحياء علوم الدين للغزالي الذي يعتقد جماهير الناس اليوم من المثقفين ... المثقفون يسمونه بحجة الإسلام، حجة الإسلام هذا جاء في كتابه في الإحياء أنا قرأته بنفسي، حكى القصة الآتية:
أن شيخاً من الشيوخ في القرن الرابع أن مريداً له جاءه فقال له: رأيتك في المنام أبكي تأمرني بشيء فقلت لك: لمه؟ هذا في المنام كله، قال المريد لشيخه: لمه؟ قال الراوي للقصة في كتاب الإحياء، فهجره شيخه شهراً كاملاً لماذا؟ لأن مريده قال له في المنام وليس في اليقظة لمه؟ هجره شهراً كاملاً، وليت أن حجة الإسلام الغزالي أورد هذه القصة ومر منها مر الكرام، لا، بل وقف عندها متفقهاً مستنبطاً كما يفعل الفقيه المسلم في كتاب الله وفي حديث رسول الله،
فقال: دلت هذه القصة على أن هذا المريد كان في قلبه زغل ضد شيخه، لمه؟ لأنه لو كان قلبه صافياً مع شيخه لم ير في منامه نفسه يقول له لمه؟ مع أن كل عالم يعلم أن الرؤيا التي يراها المسلم فهي تحتمل أن تكون واحدة من
ثلاثة كما قال عليه السلام في الحديث الصحيح: «الرؤى ثلاثة: فرؤيا من الرحمن، ورؤيا من تهاويل الشيطان، أي: من تلاعبه بالإنسان، ورؤيا من تحديث النفس»
والحمد لله رب العالمين