فضل التوحيد وأنه ينجي من الخلود في النار
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله --- اما بعد
إن شهادة أن لا إله إلا الله تُنجي قائلها من الخلود في النار يوم القيامة ولو كان لا يقوم بشيء من أركان الإسلام الخمسة الأخرى كالصلاة وغيرها.
ف الموحد لا يخلد في النار
[قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -]:
«كانَ رجلٌ ممَّن كان قبلكم لم يعمل خيراً قطُّ؛ إلا التوحيد، فلما احتُضر قال لأهله: انظروا: إذا أنا متُّ أن يحرِّقوه حتى يدعوه حمماً، ثم اطحنوه، ثم اذروه في يوم ريح، "ثم اذروا نصفه في البر، ونصفه في البحر، فوالله؛ لئن قدر الله عليه ليعذبنه عذاباً لا يعذبه أحداً من العالمين"، فلما مات فعلوا ذلك به، "فأمر الله البر فجمع ما فيه، وأمر البحر فجمع ما فيه"، فإذا هو "قائم" في قبضة الله، فقال الله عز وجل: يا ابن آدم! ما حملك على ما فعلت؟ قال: أي ربِّ! من مخافتك (وفي طريق آخر: من خشيتك وأنت أعلم)، قال: فغفر له بها، ولم يعمل خيراً قطُّ إلا التوحيد». صححة الالبانى
وفي الحديث دلالة قوية على أن الموحد لا يخلد في النار؛ مهما كان فعله
مخالفاً لما يستلزمه الإيمان ويوجبه من الأعمال؛ كالصلاة ونحوها من الأركان العملية، وإن مما يؤكد ذلك ما تواتر في أحاديث الشفاعة؛ أن الله يأمر الشافعين بأن يخرجوا من النار من كان في قلبه ذرة من الإيمان.
يؤكد ذلك حديث أبي سعيد الخدري أن الله تبارك وتعالى يخرج من النار ناساً لم يعملوا خيراً قط. ويأتي بيان دلالت هذا الحديث على ذلك، وأنه من الأدلة الصريحة الصحيحة على أن تارك الصلاة المؤمن بوجوبها يخرج من النار أيضاً ولا يخلد فيها،
و الذنب وإن عظُم لم يكن موجباً للنار متى ما صحت العقيدة
[قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -]:
«إنّ الله قد غَفَرَ لك كَذِبَكَ بتصديقِكَ بـ " لا إله إلا الله "». صححة الالبانى
و هذا:الحديث مع صحتة فالمقصود منه البيان: أن الذنب وإن عظم لم يكن موجباً للنار متى ما صحت العقيدة، وكان ممن سبقت له المغفرة، وليس هذا التعيين لأحد بعد النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ".
وهذا ان بين فيدل على أهمية التوحيد وبيان أنه لا تنفع الأعمال الصالحة بدونه
وأما الركن الأول من هذه الأركان الخمسة " شهادة أن لا إله إلا الله " فبدونها لا ينفع شيء من الأعمال الصالحة، وكذلك إذا قالها ولم يفهم حقيقة معناها، أو فهم، ولكنه أخل به عملياًّ كالاستغاثة بغير الله تعالى عند الشدائد ونحوها من الشركيات.
ولكن هنا نقطة وجب على العلماء فضلا عن طلاب العلم ان يعلموها وهو انة لا يُحدث العامة بأحاديث
قد يساء فهمها في فضل التوحيد
اخرج احمد عن أبي بكر بن أبي موسى عن أبيه أن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - قال: («أبشروا وبشروا الناس من قال لا إله إلا الله صادقا بها دخل الجنة». فخرجوا يبشرون الناس، فلقيهم عمر رضي الله عنه فبشروه، فردهم.فقال: رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -: " من ردكم؟ ".قالوا: عمر قال: لم رددتهم يا عمر؟ " قال: إذا يتكل الناس يا رسول الله! وفى رواية " قال عمر: فلا تفعل، فإني أخشى أن يتكل الناس عليها، فخلهم يعملون، قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -: فخلهم ".
وفى رواية لابى هريرة قال: كنا قعوداً حول رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -، معنا أبو بكر وعمر في نفر، فقام رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - من بين أظهرنا، فأبطأ علينا، وخشينا أن يُقتَطَعَ دوننا، وفزعنا فقمنا، فكنت أول من فزع، فخرجت أبتغي رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -، حتى أتيت حائطاً للأنصار لبني النجار، فدرت به هل أجد له باباً؛ فلم أجد، فإذا ربيع يدخل في جوف حائط من بئر خارجة- والربيع: الجدول-، فاحتفزت فدخلت على رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - فقال: "أبو هريرة؟ ".فقلت: نعم يارسول الله! قال: "ماشأنك؟ ".قلت: كنت بين أظهرنا فقمت فأبطأت علينا، فخشينا أن تقتطع دوننا، ففزعنا، فكنت أول من فزع، فأتيت هذا الحائط، فاحتفزت كما يحتفز الثعلب، وهؤلاء الناس ورائي! فقال: "يا أبا هريرة! "، وأعطاني نعليه، قال: ... («اذهب بنعليِّ هاتَين؛ فمَن لقِيتَ من وراءِ هذا الحائط يشهدُ أن لا إله إلا الله مُستَيقِناً بها قلبُه؛ فَبَشِّره بالجنّةِ».).وقال: فكان أول من لقيت عمر، فقال: ما هاتان النعلان يا أبا هريرة؟! فقلت: هاتان نعلا رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -، بعثني بهما: من لقيت يشهد أن لا إله إلا الله مستيقناً بها قلبه؛ بشرته بالجنة. فضرب عمر بيده بين ثديي، فخررت لاستي، فقال: ارجع يا أبا هريرة! فرجعت إلى رسول الله عشية، فأجهشت بكاء، وركبني عمر، فإذا هو على إثري؛ فقال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -: "مالك يا أبا هريرة؟! ".قلت: لقيت عمر، فأخبرته بالذي بعثتني به، فضرب بين ثديي ضربة خررت لاستي؛ قال: ارجع! قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -: "يا عمر! ما حملك على ما فعلت؟! ".قال: يا رسول الله! بأبي أنت وأمي، أبعثت أبا هريرة بنعليك؛ من لقي يشهد أن لا إله إلا الله مستيقناً بها قلبه، بشره بالجنة؟! قال: "نعم ".قال: فلا تفعل؛ فإني أخشى أن يتكل الناس عليها، فخلهم يعملون. قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -: "فخلِّهم ".
وفي الحديث توجيه سديد للدعاة أن لا يحدثوا بأحاديث الترغيب والترهيب، إلا مع بيان المراد منها بالتفصيل؛ خشية أن يساء فهمها، فيتكلوا، فيبين مثلاً: أن الشهادة لله بالوحدانية يجب أن تفهم جيداً، بحيث تمنع قائلها من عبادة غير الله بأي نوع من أنواع العبادات المعروفة.
وأن من شهد بها وقصر بالقيام ببعض الأحكام الشرعية، أو ارتكب بعض المعاصي؛ فذلك لا يعني أنه لا يستحق أن يعذب عليها؛ إلا أن يغفر الله له.
والحمد لله ربا لعالمين