هل من الورع ترك شرب المواد الغازية مثل البيبسى
السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة
اولا قبل البدء فى هذة المسالة لابد من الاشارة الى
شيئان اثنين :
صنع هذه المشروبات على افتراض أنهم يصبون فيها شيئاً من الكحول والكحول بلا شك خمر بل هي أم الخمر لأن الخمر عادة تكون مركبة من المادة المسكرة ومن الماء ومن بعض مادة السكر الحلو
فإذا كانت الكحول هي المادة المسكرة في كل الخمور وكان الخمر شرعاً أم الخبائث فالكحول تكون أم أم الخبائث لأنها هي أصل الخمر بحيث أن هذه المادة المسكرة إذا شيلت أو رفعت من الخمر يعود الخمر إلى شراب مباح
ومن ذلك نعلم أن الخمر إذا تخللت حلَّت وما تخللها إلا أن تذهب المادة المسكرة من هذه المادة السائلة فأي شراب حينذاك يُصَنَّع ويُلْقى فيه شيء من مادة الكحول وهي أم الخمور كما ذكرنا فحينذاك يقع المُصَنِّع لهذه المشروبات في مخالفة شرعية صريحة ألا وهي اقتناء الخمر بل اقتناء أم الخمر وهي الكحول
فعلى ذلك إن صح ما سمعتم آنفاً أن هذه المشروبات فيها شيء من الكحول فلا يجوز صنعها.
يأتي دور هل يجوز شربها وهذا هو بيت القصيد كما يقال.
فأقول: ليس مجرد مخالطة مادة محرمة لمادة حلال تصير هذه المادة الحلال حراماً وإنما ينبغي النظر في هذه المادة هل غلب عليها الحرام أم غلب عليها الحلال وهذه مسألة واضحة من بحث المياه في كتب الفقه وفي كتب الحديث على الخلاف المعروف بين الفقهاء
فيما إذا سقطت نجاسة في ماء فهل تَنَجَّس هذا الماء وهل يجوز شربه والتوضوء به أم لا؟
الخلاف في ذلك طويل الذيل لكن القول الصحيح هو ما اقتضاه قوله عليه الصلاة والسلام:
(الماء طهور لا ينجسه شيء)
أي كما أجمع علماء المسلمين ما لم يتغير طعمه أو لونه أو ريحه.
وعلى هذا فأي ماء وقعت فيه نجاسة سواء كانت هذه النجاسة بولاً أو غائطاً أو دماً مسفوحاً أو أي شيء فإذا تغير أحد أوصاف الماء الثلاثة بسبب هذه النجاسة الطارئة فقد خرج الماء عن كونه ماء طهوراً فلا يجوز حينذاك شربه إلا إذا دخل في دائرة الطاهر دون مُطَهِّر وهذا أيضاً له تفصيل آخر.
المهم أنه لا يلزم من وقوع النجاسة في مادة سائلة أن تصبح هذه المادة السائلة نجسة محرمة.
وعلى ذلك
فإذا كان هناك ماء طاهر مطهر ووقعت فيه قليل أو كثير من الخمر والخمر محرمة بنص الكتاب والسنة وإجماع الأمة على خلاف في بعض الخمور شكليٌّ لا يضر الآن في موضوعنا
فإذا وقعت الخمرة في الماء هل صار هذا الماء محمرماً شربه ولا أقول هل صار نجساً لأن أصح قولي العلماء أن كون الشيء محرماً لا يستلزم أن يكون نجساً
وعلى العكس من ذلك كل نجس محرم وليس كل محرم نجساً
فالخمر محرمة ولا شك ولا ريب كالفضة والذهب بطريقة أو بأخرى فلا يعني ذلك أنه إذا صلى والحالة هذه أن صلاته باطلة لأنه لم يحمل النجاسة لأن المحرم لا يستلزم أن يكون نجساً
فالخمر محرم، ولكنه ليس نجساً، فإذا وقع شيء من الخمر بل كما قلنا آنفاً بالنسبة للكحول وهو أم الخمر فلا يلزم من ذلك أن يكون هذا السائل قد تَنَجَّس
وإنما قد يصير محرماً إذا صار خمراً أي إذا غلب الخمر أو الكحول على السائل فجعله خمراً
حينذاك لا يجوز شربه
فهذه المشروبات التي جاء السؤال عنها كالبيبسي ونحوها إن كان فيها شيء من الكحول فلا يجعله مسكراً وبالتالي لا يجعله نجساً فيجوز شربه ولكن لا يجوز صنعه.
أرجو الإنتباه لهذه الخلاصة:
لا يجوز شربه إن كان فيه شيء من المادة التي حولت الشراب إلى خمر لكن، عفواً صنعه، لا يجوز صنعه بسبب صب المحرم فيه لكن يجوز شربه إن لم يتحول إلى خمر.
هذه الخلاصة يجب أن نفرق بينها وبين ما يقابلها.
أعيد فأستدرك أن الرجل لو صلى وفي جيبه ذهب أو لابساً ثوب الحرير فهو مرتكب محرم لكن هذا الثوب الحرير ليس نجساً والذهب أيضاً ليس نجساً أما الفضة ففي تحريمها خلاف فمن صلى وهو حامل للذهب أو حامل للحرير أو حامل لقارورة فيها خمر مثلاً فصلاته صحيحة لأنه ليس حاملاً للنجاسة فهذه أشياء محرمة وليست بنجسة.
والحمد لله رب العالمين