إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

سنة حسنة وسنة سيئة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • سنة حسنة وسنة سيئة


    سنة حسنة وسنة سيئة


    السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة


    - الرد على من قسم البدعة إلى سيئة وحسنة احتجاجاً بحديث


    ( من سن في الإسلام سنة حسنة ... )


    إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له

    أما بعد.، فإن خير الكلام كلام الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثةٍ بدعة وكل بدعةٍ ضلالة وكل ضلالة ٍفي النار .

    موضوعنا إن شاء الله يدور حول مسألةٍ طالما إختلفت أنظار العلماء المتأخرين منهم بخاصة في جملةٍ من خطبة الحاجة فى قولة صلى الله علية وسلم وكان نبينا صلوات الله وسلامه عليه يفتتح بها خطبه كلها وبخاصة منها خطبة الجمعة وهو قولة

    كل بدعة ضلالة وكل ضلالةٍ في النار

    فإن كثيراً من العلماء المتأخرين ذهبوا إلى تقسيم البدعة إلى خمسة أقسام وهم بذلك يضطرون أن يقولوا أن قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم كل بدعة ٍ ضلالة وكل ضلالةٍ في النار

    من العام المخصوص


    ومعنى هذا الكلام أنه ليس الأمر على هذا الإطلاق والشمول لكون كل بدعةٍ ضلالة بل بعد أن تأولوا هذه الجملة على أنها من العام المخصوص تصبح عبارتها على العكس من صريح دلالتها تماما أي ليس كل بدعةٍ ضلالة ومعنا في هذا التأويل من إخراج الكلام عن دلالته الظاهرة


    فينبغي علينا أن نعرف شُبهت هؤلاء العلماء من المتأخرين الذين تأولوا قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم كل بدعة ضلالة بما سمعتم إن الكلام حول الشبهات التي يميل إليها ويجنح إليها أولئك الناس كثيرة لكني أريد أن أخصص هذا الموضوع بحديث صحيح يتكؤن عليه فيما يذهبون إليه مما ذكر أنفاً وخلاصة هذا أن في الإسلام بدعةٌ حسنة

    ومن أقوى أدلتهم وروداً وليس دلالةً إنما هو الحديث الصحيح المشهور

    ( من سَن في الإسلام سُنةً حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة دون أن ينقص من أجورهم شيء ومن سَن في الإسلام سُنةً سيئةً

    فعليه وزرها و وزر من عمل بهاإلأى يوم القيامة دون أن ينقص من أوزارهم شيء )


    هذا الحديث من حيث الرواية وحينما أقول من حيث الرواية فإنما أعني ما أقول وأقصد ما أقول ذلك لأن هذا الحديث حينما نتامل في سبب وروده أولاً وفي التحقيق في معناه ثانياً

    ينقلب الحديث حجة عليهم من حيث دلالته أول ذلك ان نتذكر سبب قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم أو نتذكر المناسبة التي فيها قال عليه الصلاة والسلام هذا الحديث الصحيح


    والحديث أخرجه الإمام مسلم في صحيحه والإمام أحمد في مسنده وغيرهما من حديث جرير بن عبد الله البجلي رضي الله تعالى عنه قال كنا جلوساً مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم فجأه أعرابٌ مجتابي النمار متقلدي السيوف عامتهم من مُضر بل كلهم من مُضر

    قال جرير لما رأهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تمعر وجهه أي تغيرت معالم وجهه أسفاً وحزناً على ما رأى عليهم من آثار الفقر فما كان منه عليه الصلاة والسلام إلا أن خطبهم ووعظهم وأمرهم بأن يتصدق أصحابه على هؤلاء الطارقين للمدينة من فقراء الأعراب من مُضر فقرأ في جملة ما قرأ عليه الصلاة والسلام :


    ( أنفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت

    فيقول ربي لولا أخرتني إلى أجلٍ قريب فأصدق وأكن من الصالحين )

    وقال صلى الله عليه وآله وسلم في خطبته

    تصدق رجل بدرهمه بديناره بصاع بره بصاع شعيره


    فقام رجل أول من قام من الحاضرين إستجابة منه لموعظة النبي صلى الله عليه وآله وسلم فذهب إلى داره ليعود بما تيسر له من صدقة

    ووضع ذلك بين يدي النبي صلى الله عليه وآله وسلم فلما رأى سائر أصحابه ما فعل هذا إقتدوا به وأنطلقوا أيضاً ليعود كل منهم بما تيسر من الصدقة قال جرير فإجتمع أمام النبي صلى اله عليه وآله وسلم من الصدقات كالجبال أي الأكوام فلما رأى ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تنور وجهه كأنه مذهبةً على خلاف ما كانت حال النبي صلى الله عليه وآله وسلم حينما جاءه الأعراب

    فهناك تمعر وجهه تغيرت ملامح وجهه حزناً أما هنا فتنور وجهه عليه السلام فرحاً يشبه ذلك جرير بقوله كأنه مُذهبةُأي كأنه فضة مطلية بالذهب تلالا فلما رأى ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال الحديث السابق :

    ( من سَن في الإسلام سُنةً حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة دون أن ينقص من أجورهم شيء ومن سَن في الإسلام سُنةً سيئةً

    فعليه وزرها و وزر من عمل بهاإلأى يوم القيامة دون أن ينقص من أوزارهم شيء )


    فإذا رجعنا إلى سبب قوله عليه السلام لهذا الحديث أو سبب وروده وتأملنا فيه لن نجد هناك شيء (( )) من العبادات أو الطاعات لم تكن معرفةُ من قبل لم نجد هناك سوى الصدقة حيث أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ذكرهم بالأية المذكورة بما يجب عليهم من الصدقة وأتبعها بكلام من عنده عليه السلام حضاً ولو على الصدقة القليلة كما جاء في الحديث الصحيح : (تصدقوا ولو بشق تمرة )


    فموضوع الحديث كما ترون هو حول الصدقة فغذا رجعنا وفسرنا الحديث فصلاً له عن سبب وروده فقلنا كما يقول أولئك المتأخرون من سَن في الإسلام سُنةً حسنةً

    أي من إبتدع في الإسلام بدعةً حسنة إن فسرنا حديثه عليه السلام هذا بهذا التفسير تباين التفسير مع الواقع لأن الواقع ليس فيه بدعةً تذكر مطلقاً كل مافيه هو حضه عليه الصلاة والسلام على الصدقة وتجاوب الصحابة معه على الإتيان بها كل مافي الأمر أن رجلاً واحداً منهم تقدم البقية بالأتيان بالصدقة فتبعه الأخرون


    فمن أجل أن هذا الرجل الأول هو الذي قام قبل كل أخر وجاء بالصدقة فتنشط الأخرون لهذه الصدقة وتبعوه على ذلك فقال عليه الصلاة والسلام

    من سَن في الإسلام سُنةٌ حسنة

    أي يكون معنى الحديث على خلاف المعنى الخلفي المبتدع الداخل أيضاً في عموم قوله عليه السلام كل بدعةٍ ضلالة ليكون قولهم من سَن في الإسلام سُنةٌ حسنة أي من إبتدع في الإسلام بدعةً حسنة

    أيضاً هذا التفسير هو مُبتدعٌ في الإسلام

    لماذا لأن المعنى الصحيح لهذا الحديث مَن سَن لُغةً من فتح طريقاً مَن سَن في الإسلام سُنةً حَسنَةً ولفتح الطريق إلى أمر مشروع بالكتاب و بالسنة أماته الناس مع الزمن أو مع الغفلة فقام رجلٌ فأحيا هذه السنة المنصوص عليها بالكتاب أو في الكتاب والسنة يقال فيه لقد إبتدع في الإسلام بدعةً حسنة

    كلا ثم كلا إنما جاء بأمر مشروع مُسبقا وإنما الشيء الجديد في الموضوع أنه أحيا هذه السُنة فإذن إذا رجعنا فقط لسبب الحديث عرفنا بطلان ذلك التأويل الذي كان من الأسباب القوية على تخصيص عموم قوله صلى الله عليه وآله وسلم :

    ( كل بدعة ضلالة وكل ضلالةٍ في النار )

    هذا هو السبب الأول الذي يدل دلالة واضحةً على بطلان التأويل المذكور .


    السبب الثاني

    إذا وقفنا عند متن الحديث : ( من سَن في الإسلام سُنةٌ حسنة ) وتمام الحديث : ( ومن سَن في الإسلام سُنةٌ سيئة )


    فسنقول للمتأولين لهذا الحديث على غير تأوليه الصحيح


    ماهو طريق معرفة السنة الحسنة والسنة السيئة العقل أم الشرع


    إن كان من أهل السنة حقاً فسيكون الجواب طريق معرفة الحسنة و السيئة إنما هو الشرع فقط ولا مجال للعقل في ذلك إطلاقاً خلافاً للمعتزلة قديماً

    الذين يوهمون الجماهير ب أنهم على السنة إذا كان ما يقوله المعتزله وهو مما إنفصلوا فيه عن أهل الحديث وأهل السنة حقاً ألا وهو قولهم بالتحسين والتقبيح العقليين إذا كان قولهم هذا من جملة ضلالهم الذي حشرهم في فرقة من الفرق المنصوص عليها في حديث

    ( وستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة )


    وخرجوا بذلك عن كونهم من الفرقة الناجية لأنهم إتبعوا عقولهم وأهوائهم وخرجوا عن الجماعة وعن الفرقة الناجية التي تقول ليس للعقل دخل في التحسين والتقبيح وإنما وظيفته فقط أن يفهم الحسن والقبيح فيأتي بالحسن ويدع القبيح


    إن أهل الإعتدال إنفصلوا على أهل السنة وأهل الحديث حتى من كان من أهل السنة في بعض المسائل قد إنجرف مع الإعتزال في بعض مسائلهم أما في هذه المسألة فقد ضلوا مع الجماعة أن التحسين والقبيح العقليين باطل


    وأن الحسن والقبيح لا سبيل لمعرفته إلا بالشرع


    و إذا كان الحُسن والقُبح لا يعرف إلا بطريق الشرع فحينئذٍ إذا سلموا معنا ولا شك أن الذين ينتمون إلى هذه الُسُنة هم معنا في هذه الجزئية على الأقل وهي أن التحسين والتقبيح العقليين باطلٌ

    وأن التحسين والتقبيح إنما هو بالنقل عن الشرع حينئذٍ سنقول كلما جئتم ببدعةٍ وزعمتم بأنها حسنةُ قلنا لكم هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين

    بُرهانُهم على إثبات ما إدعوه من حُسن تلك البدعة سلمنا لهم لا لأنها بدعةُ داخلةٌ في عموم قوله عليه الصلاة والسلام :

    ( كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار )

    وإنما لأنه قام الدليل الشرعي على أن ذلك الأمر الذي حسنوه هو أمر مشروع فنحن في هذه الحالة نكون قد إتبعنا النبي صلى الله عليه وآله وسلم في دعوته العامة التي كان يشير إليها قبيل قوله:

    ( كل بدعة ضلالة )


    حيث كان يقول

    وخير الهدى هدى محمد صلى الله عليه وآله وسلم وإياكم ومحدثات الأمور

    إلى أخر الحديث كذلك نقول في تمام الحديث

    ومن سَن في الإسلام سُنةٌ سيئةٌ)

    من عجائب هؤلاء المبتدعة في أخر الزمان أنهم حين يستحسنون أمراً حادثاً يلجأون إلى عقلهم وهم بذلك ينقضون نفسهم أن التحسين لله وليس لعباد الله كذلك على العكس من ذلك حينما يقولون لبعض المحدثات من الأمور بأنها من البدع ويُحذرون الناس منها وبخاصة إذا كان هؤلاء الناس من أهل السنة الذين يحرصون على أن لا يزيدوا على ما جاء به الرسول صلى اله عليه وآله وسلم شيئاً أن يزيدوا شيئاَ على ما جاء به الرسول عليه السلام من العبادات يقول هؤلاء الذين لم يحسنوا فهم هذا الحديث

    اذن لابد من القول أن التحسين والتقبيح لله

    ولا نقول كقول المُعتزلة الذين حكموا عقلهم بقولهم شو فيها يا أخي ثم يعودون ويقولوا يا أخي ها الساعة التي تحملها والسيارة التي تركبها هذه أيضاً من البدع فكيف تقر هذا وتنكر ذاك هذه غفلة خطيرة وخطيرة جداً أولاً كما نحن فيه من بيان معنى الحديث الصحيح من سَن في الإسلام سنة حسنة )

    دل الإسلام على حُسنها ومن ( سَن في الإسلام سنة سيئة)

    دل الإسلام على أنها سيئة فهل مثلاً إستعمال الساعة أو سيارة أو كل هذه الوسائل الحديثة اليوم التي أقل ما يمكن أن يقال أنه يمكن إستعمالها فيما يباح فضلاً أنه يمكن إستعمالها فيما يشرع هل هذه الوسائل التي حدثت هل يمكن أن تدخل في عموم قوله عليه الصلاة والسلام:

    ( كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار )

    هذا في الواقع الشبهات

    والحمد لله رب العالمين


يعمل...
X