- ما حكم تولية المرأة أمور الدولة.؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة
السؤال
ما حكم تولية المرأة أمور الدولة.؟
اولا لابد من التنوية بان هذا سؤال شرعي وسياسي وهو من مواضيع الساعة فعلاً وبخاصة في بعض البلاد الإسلامية التي تحكمها إمرأة
بعض العلماء يقولون
إن حُكم المرأة في الإسلام مردود بأمرين إثنين .
الأول : يرد بعمل المسلمين طيلة هذه القرون الطويلة التي كان على المسلمين حكام كثيرون منهم من يطبق الإسلام تمامًا كالخلفاء الراشدين ومنهم من يكون قريباً من ذلك
وهكذا درجات أي إن على مر هذه السنين قد كان الإسلام يحكم ولو أنه كان بعضهم أحياناً ينحرف كثيراً أو قليلاً عن الحكم بالإسلام في بعض الجزئيات ولكن والحمد لله لم يقع في هذه القرون الطويلة أن إمرأةً حكمت المسلمين كما هو الشائع في بعض بلاد الكفار ومن قلدهم أو تشبه بهم
فجريان عمل المسلمين على عدم تولية المرأة الخلافة وما كان قريباً منها هو الدليل القاطع لمن كان يؤمن بمثل قوله تبارك وتعالى
وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا )
الشاهد من هذه الآية
إنما هو قوله تعالى ( ويتبع غير سبيل المؤمنين )ما إقتصر رب العامين على قوله في هذه الآية
: وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ)
وإنما عطف على مشاققة الرسول ويتبع غير سبيل المؤمنين
فما الحكمة من هذه الجملة المعطوفة على ومن يشاقق الرسول ويتبع غير سبيل المؤمنين
الحكمة أن المؤمنين هم الذين ينقلون المنهج الذي سار عليه المسلمون الأولون من أجل ذلك جاءت الأحاديث تترى تأمرنا بإتباع السلف الأول ومن أجل ذلك كما قلنا نحن ننتمي إلى السلف الصالح وأحدنا يقول عن نفسه أنه سلفي ويرجو أن يكون كذلك لأن قولنا سلفيٌ كقولنا مؤمن لكن هناك فرق كبير بين من يقول مؤمن
وهذه الكلمة في العصر الحاضر تشمل الثلاث والسبعين فرقة تشمل حتى القديانية الذين خربوا الكثير من عقيدة المسلمين وبخاصة هناك في الهند والباكستان حيث انهم أدعوا أن النبوة لم تنتهي بعد وأنه أـى نبيٌ عندهم زعما وأنه سيأتي بعده أنبياء أخرون وكلامهم صحيح بضميمة أنبياء كذبة لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال :
(ألا إن الرسالة والنبوة قد إنقطعت فلا رسول ولا نبي بعدي )
الشاهد
السلف نقلوا إلينا ما فعل النبي صلى الله عليه وسلم من بيانه للكتاب وللسنة القولية فتلقى الخلف ذلك عن السلف فصار طريقاً للمسلمين فحينما لم نجد في كل هذه القرون وبخاصة الثلاثة المشهود لها بالخيرية إمرأة تولت حكماً
فذلك دليل على أن سبيل المؤمنين أن لا يتولاهم إمرأة هذا هو الدليل الأول وهو دليل قويٌ جداً جداً لمن يفقه ويُعي هذه الآية ودلالتها ويتبع غير سبيل المؤمنين
لقد وصل إهتمام بعض العلماء إلى تقديم السنة العملية التي جرى عليها المسلمون على أقواله عليه الصلاة والسلام ذلك لأن الأولى قد يحتمل أكثر من وجه للتفسير أما الناحية العملية فلا يمكن أن يحمل إلا على وجه واحد قل
مثلاً قوله تعالى :
(والسارق والسارقة فأقطعوا أيديهما )
فلو أن رجلاً جاء إلى هذا لنص القرآني الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه فأتى برأي جديد فأقطعوا أيدهما لا سمح الله من المنكب بماذا نُحاججه هذه يدٌ أو قال من عند المرفق أيضاً هذه يدٌ
الجواب السنة العملية التي جرى عليها الرسول علية السلام وتبعه على ذلك أصحابه هذه هي الُحجة القاطعة في تحديد المراد من أقوال النبي صلى الله عليه وسلم فهذه قاعدة هامة جداً فأرجو أن تكون منكم على بال وعلى ذكر هذا هو الدليل الأول .
الدليل الثاني:
أن الله عز وجل قد قدر بحكمته البالغة أن نصب العجم أهل فارس بعد وفاة مالكهم إمرأةً فلما أُخبر النبيى صلى الله عليه وآله وسلم قال :
(ما أفلح قومٌ ولوا أمرهم إمرأة )
والحقيقة يا إخواننا لو أ، المسلم تأمل في هذا الحديث وحده لوجده كافياً ليصد المسلمين لو كانوا مؤمنين حقاً على أن يولوا عليهم إمراة لأن معنى ذلك بلسان الحال والمقال كما يقول العلماء لسان الحال أنطق من لسان المقال أن القضية إنعكست في تلك البلاد فصارت النساء رجالاً والرجال نساءًلأنهم لم يجدوا من يتولى أمرهم ويُدير شؤنهم حسب شريعة الله عز وجل إلأا إمرأة لا شك أن هذا الاقع وحده يكفي أن هؤلاء القوم لا يفلحون فكيف وقد أخبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بهذه العبارة الصريحة :
(ما أفلح قومٌ ولوا أمرهم إمرأة )
إذا ثبت وهو ثابت إن شاء الله يقيناً أنه لا يجوز في الإسلام المتوارث عملياً ولا في الإسلام المؤيد هذا العمل بقوله عليه السلام أن يتولاهم إمرأة إذا ثبت هذا يكون بذلك مقدمةً للجواب عن قلب بعض الناس الحقيقة وهي قولهم أن النبي صلى الله عليه و آله وسلم أجاز أن يتولى أمر المسلمين رجل أعجمي حبشي
فنحن نجيب عن هذا بما قاله أهل العلم جمعاً بين الحديث الذي يتأكون عليه وبين الحديث الذي لا يعرجون عليه مطلقاً وهم بذلك يحشرون أنفسهم في زمرة أهل الأهواء الذين يأخذون من الإسلام ما يوافق أهواءهم ويدعون منه ما يخالف أهواءهم نحن نقول لقد قال عليه
الصلاة والسلام كما تواتر ذلك بشهادة أمير المؤمنين أحمد بن حجر العسقلاني قال إن قوله صلى الله عليه وآله وسلم :
(الأئمة من قريش )
هذا حديث صحيح وليس فقط صحيحاً بل وهو متواتر أيضاً بشهادة أمير المؤمنين في زمنه وبعد زمانه أيضاً فيما نعلم إذن رسولنا صلى الله عليه وآله وسلم يضع في هذا الحديث شرطاً للحاكم الذي يريد أن يحكم المسلمين
وهو أن يكون قرشياً ونحن نعلم أن بعض ذوي الأهواء قديماً وحديثاً يتأولون هذا الحديث بما ذكره أحد المؤرخين قديماً أن ذلك كان وقرشاً كانت لهم صوله وكانت لهم قوة ومكانة ومنزلة في العرب حيث كانوا يخضعون لهم وراثةً وإجلالً وتقريراً لهم وعلى هذا جاء قوله عليه السلام :
(الأئمة من قريش )
أما بعد أن تفككت هذه الرابطة القبلية العربية بين قبيلة قريش وسائر القبائل لم يبقى هناك مجاز للإستمرار بتحكيم هذا الحديث لأنه قيل في زعمهم للسبب المذكور أنفاً وردنا طبعاً لعلماءنا على هذا التأويل الذي هو أشبه بالتعطيل في موضوع آيات الصفات وأحاديث الصفات
ردنا على هذا التأويل رده صلى الله عليه وآله وسلم
لا يزال هذا الأمر في قريش ما بقي منهم إثنان
إذن تأويلهم الحديث الأول انها كانت على تعبيرهم في العصر الأول شريعة زمنية يُبطل هذا التأويل هذا الحديث الصحيح إذا عرفنا هذه الحقيقة ومجال الكلام في هذه المسألة واسع جداً نظرا لظروفنا الحاضرة لكن لابد من ربط أيضاً هذه المقدمة للإجابة عن الشبهة التي ذكرت انفاً لقد جاء في السنن ومسند أحمد عن بن سارية رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه خطبهم يوماً فقالوا يا رسول الله أوصنا وصية لا نحتاج أحد بعدها أبداً قال عليه السلام :
(أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن ولي عليكم عبدٌ حبشي وإنه من يعش منكم فسيرى إختلافاً كثيرافعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهدين من بعدي عَضوا عليها بالنواجز وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل مُحدثةٍ بدعة وكل بدعةٍ ضلالة )
وزاد في روايه وهي صحيحة في غير هذا الحديث
(وكل ضلالةٍ في النار )
إذن قوله عليه السلام وإن وُلي عليكم عبدٌ حبشي وله شواهد بعضها في صحيح مسلم لا يعني وإن وُلي عليكم من ناس لا يُحكمون شريعة الله وإنما وُلي عليكم من حاكم يحكم بما أنزل الله لأن هذا الحاكمة
قد عرفنا مما سبق أنه يشترط فيه أن يكون عربياً قُرشياً فهذا إذا ولى عبداً حبشياً على ولايةٍ ما ُوجب إطاعته لا لأنه عبدٌ حبشي وإنما لأنه ولاه مسلم قُرشي له حق الولاية وعلى هذا أيضاً جرى عمل المسلمين
ولهذا نحن أمام قضيتين إثنتين لا تنافر ولا تعارض بينهما القضية الأولى
الولاية الكبرى
جرى المسلمين على أن يشترط فيها على أن يكون عربياً قُرشياً
الولاية الصغرى
لا يشترط فيها أن يكون قُرشياً على هذا ايضاً جرة عمل المسلمين وإذا عرفنا هذه الحقيقة تم الإستدلال الصحيح على رد دعوى من يتخذ حديث وإن كان عبداً حبشياً دليلاً على أنه يجوز تولية المرأة لأننا سنقول إن كان عبداً حبشياً فهو أولى بالولاية التي تليق به على التفصيل السابق ذكره أولى من المرأة القرشية لأن المرأة القرشية ليس لها ولاية بحكم ما سبق أنفاًفبذلك ينتهي ما عندي من الجواب عن ذاك السؤال
والحمد لله رب العالمين
والحمد لله رب العالمين