التفاؤل ذلك المفهوم الذي يشبعه الناس ضروبا عظيمة من الكلام دون تطبيق فإذا ما ابتلي احدهم غزاه التشاؤم من رأسه حتى اخمص قدميه!! قليل من الناس من يعي حكمة التفاؤل وبان التفاؤل من قواعد النجاح وان الذي يميز بين المتميزين والخاملين هو ذاك الطيف الوردي المعين على تحمل الصعاب فهو يحمل في طياته الصبر في كفة والامل في الكفة الاخرى عندها تتزن المواقف وتتعدل التجارب ويتجه عقارب ساعات الحيلة نحو النشاط والعمل المثمر انه ببساطة التفاؤل....
وإذا تتبعنا مواقفه صلى الله عليه وسلم في جميع أحواله، فسوف نجدها مليئة بالتفاؤل والرجاء وحسن الظن بالله، بعيدة عن التشاؤم الذي لا يأتي بخير أبدا.
فمن تلك المواقف ما حصل له ولصاحبه أبي بكر رضي الله عنه وهما في طريق الهجرة، وقد طاردهما سراقة، فيقول الرسول صلى الله عليه وسلم مخاطباً صاحبه وهو في حال ملؤها التفاؤل والثقة بالله : ( لا تحزن إن الله معنا، فدعا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فارتطمت فرسه - أي غاصت قوائمها في الأرض - إلى بطنها ) متفق عليه.
وَكان النَّبِيُّ صلى الله عليه و سلم يستبشر بالخير عند سماع الأسماء كما في يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ عندما طَلَعَ سُهَيْلُ بْنُ عُمَرو، فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم: ((سُهِّلَ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ))، فَكَانَ كَمَا قَالَ عليه الصلاة والسلام، مع أن قريش أرسلت قبله سيد الأحابيش للتفاوض مع النبي صلى الله عليه و سلم فلما أشرف على النبي صلى الله عليه و سلم وأصحابه قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : هذا فلان ، وهو من قوم يعظمون البدن، فابعثوها له ، فبعثت له ، واستقبله الناس يلبون ، فلما رأى ذلك ، قال : سبحان الله ، ما ينبغي لهؤلاء أن يصدوا عن البيت ، فلما رجع إلى أصحابه قال : رأيت البدن قد قلدت وأشعرت ، فما أرى أن يصدوا عن البيت، فقالوا له : اجلس فإنما أنت أعرابي لا علم لك .
ثم بعثت قريش رجلاً منهم يقال له مكرز بن حفص ، فلما أشرف على النبي صلى الله عليه و سلم ، قال النبي صلى الله عليه و سلم : هذا مكرز وهو رجل فاجر(أخرجه البخاري ، ( 4178).
ومن نماذج تفاؤله صلى الله عليه و سلم ما قالته أمنا عائشة – رضي الله عنها – للنبي صلى الله عليه و سلم : هل أتى عليك يوم أشد من يوم أحد؟ قال: ((لقد لقيت من قومك ما لقيت، وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة إذ عرضت نفسي على ابن عبد ياليل بن عبد كلال فلم يجبني إلى ما أردت، فانطلقت وأنا مهموم على وجهي، فلم أستفق إلا وأنا بقرن الثعالب، فرفعت رأسي فإذا أنا بسحابة قد أظلتني، فنظرت فإذا فيها جبريل، فناداني فقال: إن الله قد سمع قول قومك لك وما ردوا عليك، وقد بعث الله إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم. فناداني ملك الجبال فسلم علي ثم قال: يا محمد فقال ذلك فيما شئت إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين. فقال النبي صلى الله عليه و سلم: بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئاً))( البخاري (3/1180)رقم (3059) وغيره)
ومن تفاؤله عليه الصلاة والسلام أنه كان يتفاءل باللغة وألفاظها الجميلة؛ جاء إلى المدينة وهم يسمونها يثرب وهو اسم لا يخلو من إيحاءات سلبية؛ فسماها النبي صلى الله عليه و سلم " طابة" أو "طيبة" من الطيب والخير.
وكذلك غيَّر صلى الله عليه و سلم بعض أسماء الرجال أو النساء لقبح أسمائهم، وأبدلهم بأسماء جديدة، فقد غير اسم إحدى الصحابيات من "عاصية" إلى "جميلة"( صحيح مسلم )، وغير اسم الصحابي "حَزْن" إلى "سهل"( صحيح البخاري، (6190).
وكذلك قيام النبي صلى الله عليه و سلم بأفعال تدل على تفاؤله ففي خبر مَقْدَمِه – عليه الصلاة والسلام – للمدينة مهاجراً أنه ((نَزَلَ فِي عُلْوِّ الْمَدِينَةِ، فِي حَيٍّ يُقَالُ لَهُمْ: بَنُو عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ)) كما في البخاري عن أَنَس بْن مَالِكٍ – رضي الله عنه – . وهذا تفاؤل له ولدينه بالعلو.
وهذا كان نور هذه الامة ونبراسها مثلا ومثالا في ضروب التفاؤل في الشدة والرخاء في اعماله وافعاله وسائر وقته فلنتعلم الدرس منه فلا نكن كمثل مذياع يذيع اخبار النعي وينعق بالخراب انما حل فالمسلم كيس فطن وليس كيس قطن!! صلوا على الحبيب المصطفى...
مما كتبت سابقا ونشر لي لكن احببت ان اعيد نشره هنا....
تعليق