إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

أمل دنقل

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • أمل دنقل

























    الجنوبي


    هل أنا كنت طفلاً
    أم أن الذي كان طفلاً سواي
    هذه الصورة العائلية
    كان أبي جالساً، وأنا واقفُ .. تتدلى يداي
    رفسة من فرس
    تركت في جبيني شجاً، وعلَّمت القلب أن يحترس
    أتذكر
    سال دمي
    أتذكر
    مات أبي نازفاً
    أتذكر
    هذا الطريق إلى قبره
    أتذكر
    أختي الصغيرة ذات الربيعين
    لا أتذكر حتى الطريق إلى قبرها
    المنطمس


    أوَ كان الصبي الصغير أنا ؟
    أم ترى كان غيري ؟
    أحدق
    لكن تلك الملامح ذات العذوبة
    لا تنتمي الآن لي
    و العيون التي تترقرق بالطيبة
    الآن لا تنتمي لي
    صرتُ عني غريباً
    ولم يتبق من السنوات الغربية
    الا صدى اسمي
    وأسماء من أتذكرهم -فجأة-
    بين أعمدة النعي
    أولئك الغامضون : رفاق صباي
    يقبلون من الصمت وجها فوجها فيجتمع الشمل كل صباح
    لكي نأتنس.


    كان يسكن قلبي
    وأسكن غرفته
    نتقاسم نصف السرير
    ونصف الرغيف
    ونصف اللفافة
    والكتب المستعارة
    هجرته حبيبته في الصباح فمزق شريانه في المساء
    ولكنه بعد يومين مزق صورتها
    واندهش.
    خاض حربين بين جنود المظلات
    لم ينخدش
    واستراح من الحرب
    عاد ليسكن بيتاً جديداً
    ويكسب قوتاً جديدا
    يدخن علبة تبغ بكاملها
    ويجادل أصحابه حول أبخرة الشاي
    لكنه لا يطيل الزيارة
    عندما احتقنت لوزتاه، استشار الطبيب
    وفي غرفة العمليات
    لم يصطحب أحداً غير خف
    وأنبوبة لقياس الحرارة.


    فجأة مات !
    لم يحتمل قلبه سريان المخدر
    وانسحبت من على وجهه سنوات العذابات
    عاد كما كان طفلاً
    سيشاركني في سريري
    وفي كسرة الخبز، والتبغ
    لكنه لا يشاركني .. في المرارة.


    ومن أقاصي الجنوب أتى،
    عاملاً للبناء
    كان يصعد "سقالة" ويغني لهذا الفضاء
    كنت أجلس خارج مقهى قريب
    وبالأعين الشاردة
    كنت أقرأ نصف الصحيفة
    والنص أخفي به وسخ المائدة
    لم أجد غير عينين لا تبصران
    وخيط الدماء.


    وانحنيت عليه أجس يده
    قال آخر : لا فائدة
    صار نصف الصحيفة كل الغطاء
    و أنا ... في العراء


    ليس أسماء تعرف أن أباها صعد
    لم يمت
    هل يموت الذي كان يحيا
    كأن الحياة أبد
    وكأن الشراب نفد
    و كأن البنات الجميلات يمشين فوق الزبد
    عاش منتصباً، بينما
    ينحني القلب يبحث عما فقد.


    ليت "أسماء"
    تعرف أن أباها الذي
    حفظ الحب والأصدقاء تصاويره
    وهو يضحك
    وهو يفكر
    وهو يفتش عما يقيم الأود .
    ليت "أسماء" تعرف أن البنات الجميلات
    خبأنه بين أوراقهن
    وعلمنه أن يسير
    ولا يلتقي بأحد .


    -هل تريد قليلاً من البحر ؟
    -إن الجنوبي لا يطمئن إلى اثنين يا سيدي
    البحر و المرأة الكاذبة.-سوف آتيك بالرمل منه
    وتلاشى به الظل شيئاً فشيئاً
    فلم أستبنه.


    -هل تريد قليلاً من الخمر؟
    -إن الجنوبي يا سيدي يتهيب شيئين :
    قنينة الخمر و الآلة الحاسبة.


    -سوف آتيك بالثلج منه
    وتلاشى به الظل شيئاً فشيئاً
    فلم أستبنه
    بعدما لم أجد صاحبي
    لم يعد واحد منهما لي بشيئ


    -هل نريد قليلاً من الصبر ؟
    -لا ..
    فالجنوبي يا سيدي يشتهي أن يكون الذي لم يكنه
    يشتهي أن يلاقي اثنتين:
    الحقيقة و الأوجه الغائبة.
    التعديل الأخير تم بواسطة ; 07-01-2013, 08:55 PM.

  • #2
    حاضر يا استاذ امل
    حـاضر

    تعليق


    • #3
      زهور



      زهـــــــــــــــــــــــــور






      وسلالٌ منَ الورِد,


      ألمحُها بينَ إغفاءةٍ وإفاقة


      وعلى كلِّ باقةٍ


      اسمُ حامِلِها في بِطاقة


      ***


      تَتَحدثُ لي الزَهراتُ الجميلة


      أن أَعيُنَها اتَّسَعَتْ - دهشةً -


      َلحظةَ القَطْف,


      َلحظةَ القَصْف,


      لحظة إعدامها في الخميلة!


      تَتَحدثُ لي..


      أَنها سَقَطتْ منْ على عرشِها في البسَاتين


      ثم أَفَاقَتْ على عَرْضِها في زُجاجِ الدكاكينِ, أو بينَ أيدي المُنادين,


      حتى اشترَتْها اليدُ المتَفضِّلةُ العابِرة


      تَتَحدثُ لي..


      كيف جاءتْ إليّ..


      (وأحزانُها الملَكيةُ ترفع أعناقَها الخضْرَ)


      كي تَتَمني ليَ العُمرَ!


      وهي تجودُ بأنفاسِها الآخرة!!


      ***


      كلُّ باقة..


      بينَ إغماءة وإفاقة


      تتنفسُ مِثلِيَ - بالكادِ - ثانيةً.. ثانية


      وعلى صدرِها حمَلتْ - راضية...


      اسمَ قاتِلها في بطاقة

      تعليق


      • #4
        يعطيكي العافيه صديقتي ياسمين
        بس ياريت ذكرتي لمحه او تعريف بالشاعر اول
        فنحن في كل مواضيع الادب نذكر اولا سيره حياة الاديب او الشاعر
        ثم نذرج مانريد من اعماله لذلك ياريت تدرجي مشاركه تعريفيه وانا سوف اضعها في اول الموضوع
        الف شكر لك




        تعليق


        • #5

          ولد في عام 1940 بقرية "القلعة", مركز "قفط" على مسافة قريبة من مدينة "قنا" في صعيد مصر.

          كان والده عالماً من علماء الأزهر, حصل على "إجازة العالمية" عام 1940, فأطلق اسم "أمل" على مولوده الأول تيمناً بالنجاح الذي أدركه في ذلك العام. وكان يكتب الشعر العمودي, ويملك مكتبة ضخمة تضم كتب الفقه والشريعة والتفسير وذخائر التراث العربي, التي كانت المصدر الأول لثقافة الشاعر.

          فقد أمل دنقل والده وهو في العاشرة, فأصبح, وهو في هذا السن, مسؤولاً عن أمه وشقيقيه.

          أنهى دراسته الثانوية بمدينة قنا, والتحق بكلية الآداب في القاهرة لكنه انقطع عن متابعة الدراسة منذ العام الأول ليعمل موظفاً بمحكمة "قنا" وجمارك السويس والإسكندرية ثم موظفاً بمنظمة التضامن الأفرو آسيوي, لكنه كان دائم "الفرار" من الوظيفة لينصرف إلى "الشعر". عرف بالتزامه القومي وقصيدته السياسية الرافضة ولكن أهمية شعر دنقل تكمن في خروجها على الميثولوجيا اليونانية والغربية السائدة في شعر الخمسينات, وفي استيحاء رموز التراث العربي تأكيداً لهويته القومية وسعياً إلى تثوير القصيدة وتحديثها.

          عرف القارىء العربي شعره من خلال ديوانه الأول "البكاء بين يدي زرقاء اليمامة" (1969) الذي جسد فيه إحساس الإنسان العربي بنكسة 1967 وأكد ارتباطه العميق بوعي القارىء ووجدانه. صدرت له ست مجموعات شعرية هي:

          البكاء بين يدي زرقاء اليمامة" - بيروت 1969,

          تعليق على ما حدث" - بيروت 1971,

          مقتل القمر" - بيروت 1974,

          العهد الآتي" - بيروت 1975,

          أقوال جديدة عن حرب البسوس" - القاهرة 1983,

          أوراق الغرفة 8" - القاهرة 1983.

          لازمه مرض السرطان لأكثر من ثلاث سنوات صارع خلالها الموت دون أن يكفّ عن حديث الشعر, ليجعل هذا الصراع "بين متكافئين: الموت والشعر" كما كتب الشاعر أحمد عبد المعطي حجازي.

          توفي إثر مرض في أيار / مايو عام 1983 في القاهرة.

          تعليق


          • #6
            الطيـــــور





            (1)


            الطيورُ مُشردةٌ في السَّموات,


            ليسَ لها أن تحطَّ على الأرضِ,


            ليسَ لها غيرَ أن تتقاذفَها فلواتُ الرّياح!


            ربما تنزلُ..


            كي تَستريحَ دقائقَ..


            فوق النخيلِ - النجيلِ - التماثيلِ -


            أعمِدةِ الكهرباء -


            حوافِ الشبابيكِ والمشربيَّاتِ


            والأَسْطحِ الخرَسانية.


            (اهدأ, ليلتقطَ القلبُ تنهيدةً,


            والفمُ العذبُ تغريدةً


            والقطِ الرزق..)


            سُرعانَ ما تتفزّعُ..


            من نقلةِ الرِّجْل,


            من نبلةِ الطّفلِ,


            من ميلةِ الظلُّ عبرَ الحوائط,


            من حَصوات الصَّياح!)




            الطيورُ معلّقةٌ في السموات


            ما بين أنسجةِ العَنكبوتِ الفَضائيِّ: للريح


            مرشوقةٌ في امتدادِ السِّهام المُضيئةِ


            للشمس,


            (رفرفْ..


            فليسَ أمامَك -


            والبشرُ المستبيحونَ والمستباحونَ: صاحون -


            ليس أمامك غيرُ الفرارْ..


            الفرارُ الذي يتجدّد. كُلَّ صباح!)





            (2)


            والطيورُ التي أقعدتْها مخالَطةُ الناس,


            مرتْ طمأنينةُ العَيشِ فَوقَ مناسِرِها..


            فانتخَتْ,


            وبأعينِها.. فارتخَتْ,


            وارتضتْ أن تُقأقَىَء حولَ الطَّعامِ المتاحْ


            ما الذي يَتَبقى لهَا.. غيرُ سَكينةِ الذَّبح,


            غيرُ انتظارِ النهايه.


            إن اليدَ الآدميةَ.. واهبةَ القمح


            تعرفُ كيفَ تَسنُّ السِّلاح!





            (3)


            الطيورُ.. الطيورْ


            تحتوي الأرضُ جُثمانَها.. في السُّقوطِ الأخيرْ!


            والطُّيُورُ التي لا تَطيرْ..


            طوتِ الريشَ, واستَسلَمتْ


            هل تُرى علِمتْ


            أن عُمرَ الجنَاحِ قصيرٌ.. قصير؟!


            الجناحُ حَياة


            والجناحُ رَدى.


            والجناحُ نجاة.


            والجناحُ.. سُدى!

            تعليق


            • #7
              ضد من ؟

              ضد من ؟




              في غُرَفِ العمليات,


              كان نِقابُ الأطباءِ أبيضَ,


              لونُ المعاطفِ أبيض,


              تاجُ الحكيماتِ أبيضَ, أرديةُ الراهبات,


              الملاءاتُ,


              لونُ الأسرّةِ, أربطةُ الشاشِ والقُطْن,


              قرصُ المنوِّمِ, أُنبوبةُ المَصْلِ,


              كوبُ اللَّبن,


              كلُّ هذا يُشيعُ بِقَلْبي الوَهَنْ.


              كلُّ هذا البياضِ يذكِّرني بالكَفَنْ!


              فلماذا إذا متُّ..


              يأتي المعزونَ مُتَّشِحينَ..


              بشاراتِ لونِ الحِدادْ؟


              هل لأنَّ السوادْ..


              هو لونُ النجاة من الموتِ,


              لونُ التميمةِ ضدّ.. الزمنْ,


              ***


              ضِدُّ منْ..؟


              ومتى القلبُ - في الخَفَقَانِ - اطْمأَنْ؟!


              ***


              بين لونين: أستقبِلُ الأَصدِقاء..


              الذينَ يرون سريريَ قبرا


              وحياتيَ.. دهرا


              وأرى في العيونِ العَميقةِ


              لونَ الحقيقةِ


              لونَ تُرابِ الوطنْ!

              تعليق


              • #8
                //العرافة المقدسة//


                جئت إليك مثخنا بالطعنات والدماء
                أزحف في معاطف القتلى، وفوق الجثث المكدسة
                منكسر السيف، مغبر الجبين والأعضاء
                أسأل يا زرقاء
                عن فمك الياقوت عن نبوءة العذراء
                عن ساعدي المقطوع .. وهو ما يزال ممسكا بالراية المنكسة


                عن صور الأطفال في الخوذات... ملقاة علي الصحراء
                عن جاري الذي يهم بارتشاف الماء
                فيثقب الرصاص رأسه .. في لحظة الملامسة
                عن الفم المحشو بالرمال والدماء
                أسأل يا زرقاء
                عن وقفتي العزلاء بين السيف .. والجدار
                عن صرخة المرأة بين السبي والفرار
                كيف حملت العار
                ثم مشيت؟ دون أن أقتل نفسي؟ دون أن أنهار؟
                ودون أن يسقط لحمي .. من غبار التربة المدنسة؟
                تكلمي أيتها النبية المقدسة
                تكلمي بالله باللعنة بالشيطان
                لا تغمضي عينيك، فالجرذان
                تلعق من دمي حساءها .. ولا أردها
                تكلمي لشد ما أنا مهان
                لا الليل يخفي عورتي .. ولا الجدران
                ولا اختبائي في الصحيفة التي أشدها
                ولا احتمائي في سحائب الدخان
                .. تقفز حولي طفلة واسعة العينين.. عذبة المشاكسة
                كان يقص عنك يا صغيرتي .. ونحن في الخنادق
                فنفتح الأزرار في ستراتنا .. ونسند البنادق
                وحين مات عطشا في الصحراء المشمسة
                رطب باسمك الشفاه اليابسة
                وارتخت العينان
                فأين أخفي وجهي المتهم المدان؟
                والضحكة الطروب: ضحكته ..
                والوجه .. والغمازتان


                ***

                تعليق


                • #9
                  / 2 /



                  أيتها النبية المقدسة
                  لا تسكتي .. فقد سكت سنة فسنة لكي أنال فضلة الأمان
                  قيل لي اخرس
                  فخرست وعميت ائتممت بالخصيان
                  ظللت في عبيد عبس أحرس القطعان
                  أجتز صوفها
                  أرد نوقها
                  أنام في حظائر النسيان
                  طعامي الكسرة والماء وبعض التمرات اليابسة
                  وها أنا في ساعة الطعان
                  ساعة أن تخاذل الكماة والرماة والفرسان
                  دعيت للميدان
                  أنا الذي ما ذقت لحم الضان
                  أنا الذي لا حول لي أو شأن
                  أنا الذي أقصيت عن مجالس الفتيان
                  أدعي الى الموت ولم أدعَ الى المجالسة
                  تكلمي أيتها النبية المقدسة
                  تكلمي تكلمي
                  فها أنا علي التراب سائل دمي
                  وهو ظمئ يطلب المزيدا
                  أسائل الصمت الذي يخنقني
                  ما للجمال مشيها وئيدا
                  أجندلا يحملن أم حديدا
                  فمن تري يصدقني؟
                  أسائل الركع والسجودا
                  أسائل القيودا
                  ما للجمال مشيها ويدا
                  ما للجمال مشيها وئيدا؟


                  ***

                  تعليق


                  • #10
                    /3/

                    أيتها العرافة المقدسة

                    ماذا تفيد الكلمات البائسة؟
                    قلت لهم ما قلت عن قوافل الغبار
                    فاتهموا عينيك، يا زرقاء بالبوار
                    قلت لهم ما قلت عن مسيرة الأشجار
                    فاستضحكوا من وهمك الثرثار
                    وحين فوجئوا بحد السيف: قايضوا بنا
                    والتمسوا النجاة والفرار
                    ونحن جرحي القلب
                    جرحي الروح والفم
                    لم يبقي الا الموت
                    والحطام
                    والدمار
                    وصبية مشردون يعبرون آخر الأنهار
                    ونسوة يسقن في سلاسل الأسر
                    وفي ثياب العار
                    مطاطئات الرأس، لا يملكن الا الصرخات التاعسة


                    * * *

                    تعليق


                    • #11
                      /4/

                      ها أنت يا زرقاء
                      وحيدة، عمياء
                      وما تزال أغنيات الحب، والأضواء
                      والعربات الفارهات، والأزياء
                      فأين أخفي وجهي المشوها
                      كي لا أعكر الصفاء الأبله المموها
                      في أعين الرجال والنساء
                      وأنت يا زرقاء

                      وحيدة عمياء

                      وحيدة عمياء



                      تعليق

                      يعمل...
                      X