إعـــــــلان
تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.
درويشيــــــــــات
تقليص
X
-
كان أبي
كعهده ، محملا متاعبا
يطارد الرغيف أينما مضى...
لأجله ... يصارع الثعالبا
و يصنع الأطفال ...
و التراب...
و الكواكبا ...
أخي الصغير اهترأت
ثيابه ... فعاتبا
و أختي الكبرى اشترت جواربا !
و كل من في بيتنا يقدم المطالبا
ووالدي - كعهده -
يسترجع المناقبا
و يفتل الشواربا !
و يصنع الأطفال ...
و التراب ...
و الكواكبا !
تعليق
-
بقية حياة
إذا قيل لي: ستموتُ هنا في المساء
فماذا ستفعل في ما تبقَّى من الوقتِ؟
ـ أنظرُ في ساعة اليد/
أشربُ كأسَ عصيرٍ،
وأَقضم تُفَّاحَةً،
وأطيلُ التأمُّلَ في نَمْلَةٍ وَجَدَتْ رزقها،
ثم أنظر في ساعة اليدِ/
ما زال ثمَّة وقتٌ لأحلق ذقني
وأَغطس في الماء/ أهجس:
"لا بُدَّ من زينة للكتابة/
فليكن الثوبُ أزرق"/
أجْلِسُ حتى الظهيرة حيّاً إلى مكتبي
لا أرى أَثر اللون في الكلمات،
بياضٌ، بياضٌ، بياضٌ...
أُعِدُّ غدائي الأخير
أَصبُّ النبيذ بكأسين: لي
ولمن سوف يأتي بلا موعد،
ثم آخذ قَيْلُولَةً بين حُلْمَينْ/
لكنّ صوت شخيري سيوقظني...
ثم أَنظر في ساعة اليد:
ما زال ثمّةَ وَقْتٌ لأقرأ/
أقرأ فصلاً لدانتي ونصْفَ مُعَلَّقَةٍ
وأرى كيف تذهب مني حياتي
إلى الآخرين، ولا أتساءل عَمَّنْ
سيملأ نقصانها
ـ هكذا ؟
ـ هكذا ، هكذا
ـ ثم ماذا ؟
ـ أمشّط شَعْري، وأرمي القصيدة...
هذي القصيدة في سلة المهملات
وألبس أحدث قمصان إيطاليا،
وأُشَيّع نفسي بحاشيةٍ من كمنجات إسبانيا
ثم أمشي إلى المقبرةْ !
يوميّات ،
درويش’
تعليق
-
عندما سُئل درويش عن أجمل ما قاله
فأشاد َ إلى الجِدارية ..
هذا هُوَ اسمُكَ
قالتِ امرأةٌ ،
وغابتْ في المَمَرِّ اللولبيِّ…
أرى السماءَ هُنَاكَ في مُتَناوَلِ الأَيدي .
ويحملُني جناحُ حمامةٍ بيضاءَ صَوْبَ
طُفُولَةٍ أَخرى . ولم أَحلُمْ بأني
كنتُ أَحلُمُ . كُلُّ شيءٍ واقعيٌّ . كُنْتُ
أَعلَمُ أَنني أُلْقي بنفسي جانباً…
وأَطيرُ . سوف أكونُ ما سأَصيرُ في
الفَلَك الأَخيرِ .
وكُلُّ شيء أَبيضُ ،
البحرُ المُعَلَّقُ فوق سقف غمامةٍ
بيضاءَ . والَّلا شيء أَبيضُ في
سماء المُطْلَق البيضاءِ . كُنْتُ ، ولم
أَكُنْ . فأنا وحيدٌ في نواحي هذه
الأَبديَّة البيضاء . جئتُ قُبَيْل ميعادي
فلم يَظْهَرْ ملاكٌ واحدٌ ليقول لي :
(( ماذا فعلتَ ، هناك ، في الدنيا ؟ ))
ولم أَسمع هُتَافَ الطيِّبينَ ، ولا
أَنينَ الخاطئينَ ، أَنا وحيدٌ في البياض ،
أَنا وحيدُ …
لاشيء يُوجِعُني على باب القيامةِ .
لا الزمانُ ولا العواطفُ . لا
أُحِسُّ بخفَّةِ الأشياء أَو ثِقَلِ
الهواجس . لم أَجد أَحداً لأسأل :
أَين (( أَيْني )) الآن ؟ أَين مدينةُ
الموتى ، وأَين أَنا ؟ فلا عَدَمٌ
هنا في اللا هنا … في اللازمان ،
ولا وُجُودُ
وكأنني قد متُّ قبل الآن …
أَعرفُ هذه الرؤيا ، وأَعرفُ أَنني
أَمضي إلى ما لَسْتُ أَعرفُ . رُبَّما
ما زلتُ حيّاً في مكانٍ ما، وأَعرفُ
ما أُريدُ …
سأصيرُ يوماً ما أُريدُ
سأَصيرُ يوماً فكرةً . لا سَيْفَ يحملُها
إلى الأرضِ اليبابِ ، ولا كتابَ …
كأنَّها مَطَرٌ على جَبَلٍ تَصَدَّعَ من
تَفَتُّح عُشْبَةٍ ،
لا القُوَّةُ انتصرتْ
ولا العَدْلُ الشريدُ
سأَصير يوماً ما أُريدُ
سأصير يوماً طائراً ، وأَسُلُّ من عَدَمي
وجودي . كُلَّما احتَرقَ الجناحانِ
اقتربتُ من الحقيقةِ ، وانبعثتُ من
الرمادِ . أَنا حوارُ الحالمين ، عَزَفْتُ
عن جَسَدي وعن نفسي لأُكْمِلَ
رحلتي الأولى إلى المعنى ، فأَحْرَقَني
وغاب . أَنا الغيابُ . أَنا السماويُّ
الطريدُ .
سأَصير يوماً ما أُريدُ
سأَصير يوماً كرمةً ،
فَلْيَعْتَصِرني الصيفُ منذ الآن ،
وليشربْ نبيذي العابرون على
ثُرَيَّات المكان السُكَّريِّ !
أَنا الرسالةُ والرسولُ
أَنا العناوينُ الصغيرةُ والبريدُ
سأَصير يوماً ما أُريدُ
هذا هُوَ اسمُكَ /
قالتِ امرأةٌ ،
وغابتْ في مَمَرِّ بياضها .
هذا هُوَ اسمُكَ ، فاحفظِ اسْمَكَ جَيِّداً !
لا تختلفْ مَعَهُ على حَرْفٍ
ولا تَعْبَأْ براياتِ القبائلِ ،
كُنْ صديقاً لاسمك الأُفُقِيِّ
جَرِّبْهُ مع الأحياء والموتى
ودَرِّبْهُ على النُطْق الصحيح برفقة الغرباء
واكتُبْهُ على إحدى صُخُور الكهف ،
يااسمي : سوف تكبَرُ حين أَكبَرُ
سوف تحمِلُني وأَحملُكَ
الغريبُ أَخُ الغريب
سنأخُذُ الأُنثى بحرف العِلَّة المنذور للنايات
يا اسمي: أَين نحن الآن ؟
قل : ما الآن ، ما الغَدُ ؟
ما الزمانُ وما المكانُ
وما القديمُ وما الجديدُ ؟
سنكون يوماً ما نريدُ
لا الرحلةُ ابتدأتْ ، ولا الدربُ انتهى
لم يَبْلُغِ الحكماءُ غربتَهُمْ
كما لم يَبْلُغ الغرباءُ حكمتَهمْ
ولم نعرف من الأزهار غيرَ شقائقِ النعمانِ ،
فلنذهب إلى أَعلى الجداريات :
أَرضُ قصيدتي خضراءُ ، عاليةُ ،
كلامُ الله عند الفجر أَرضُ قصيدتي
وأَنا البعيدُ
أَنا البعيدُ
في كُلِّ ريحٍ تَعْبَثُ امرأةٌ بشاعرها
- خُذِ الجهةَ التي أَهديتني
الجهةَ التي انكَسَرتْ ،
وهاتِ أُنوثتي ،
لم يَبْقَ لي إلاّ التَأمُّلُ في
تجاعيد البُحَيْرَة . خُذْ غدي عنِّي
وهاتِ الأمس ، واتركنا معاً
لا شيءَ ، بعدَكَ ، سوف يرحَلُ
أَو يَعُودُ
- وخُذي القصيدةَ إن أَردتِ
فليس لي فيها سواكِ
خُذي (( أَنا )) كِ . سأُكْملُ المنفى
بما تركَتْ يداكِ من الرسائل لليمامِ .
فأيُّنا منا (( أَنا )) لأكون آخرَها ؟
ستسقطُ نجمةٌ بين الكتابة والكلامِ
وتَنْشُرُ الذكرى خواطرها : وُلِدْنا
في زمان السيف والمزمار بين
التين والصُبَّار . كان الموتُ أَبطأَ .
كان أَوْضَح . كان هُدْنَةَ عابرين
على مَصَبِّ النهر . أَما الآن ،
فالزرُّ الإلكترونيُّ يعمل وَحْدَهُ . لا
قاتلٌ يُصْغي إلى قتلى . ولا يتلو
وصيَّتَهُ شهيدُ
تعليق
-
من أَيِّ ريح جئتِ ؟
قولي ما اسمُ جُرْحِكِ أَعرفِ
الطُرُقَ التي سنضيع فيها مَرّتيْنِ !
وكُلُّ نَبْضٍ فيكِ يُوجعُني ، ويُرْجِعُني
إلى زَمَنٍ خرافيّ . ويوجعني دمي
والملحُ يوجعني … ويوجعني الوريدُ
في الجرّة المكسورةِ انتحبتْ نساءُ
الساحل السوريّ من طول المسافةِ ،
واحترقْنَ بشمس آبَ . رأيتُهنَّ على
طريق النبع قبل ولادتي . وسمعتُ
صَوْتَ الماء في الفخّار يبكيهنّ :
عُدْنَ إلى السحابة يرجعِ الزَمَنُ الرغيدُ
قال الصدى :
لاشيء يرجعُ غيرُ ماضي الأقوياء
على مِسلاَّت المدى … [ ذهبيّةٌٌ آثارُهُمْ
ذهبيّةٌٌ ] ورسائلِ الضعفاءِ للغَدِ ،
أَعْطِنا خُبْزَ الكفاف ، وحاضراً أَقوى .
فليس لنا التقمُّصُ والحُلُولُ ولا الخُلُودُ
قال الصدى :
وتعبتُ من أَملي العُضَال . تعبتُ
من شَرَك الجماليّات : ماذا بعد
بابلَ؟ كُلَّما اتَّضَحَ الطريقُ إلى
السماء ، وأَسْفَرَ المجهولُ عن هَدَفٍ
نهائيّ تَفَشَّى النثرُ في الصلوات ،
وانكسر النشيدُ
خضراءُ ، أَرضُ قصيدتي خضراءُ عالية ٌ…
تُطِلُّ عليَّ من بطحاء هاويتي …
غريبٌ أَنتَ في معناك . يكفي أَن
تكون هناك ، وحدك ، كي تصيرَ
قبيلةً…
غَنَّيْتُ كي أَزِنَ المدى المهدُورَ
في وَجَع الحمامةِ ،
لا لأَشْرَحَ ما يقولُ اللهُ للإنسان ،
لَسْتُ أَنا النبيَّ لأَدَّعي وَحْياً
وأُعْلِنَ أَنَّ هاويتي صُعُودُ
وأَنا الغريب بكُلِّ ما أُوتيتُ من
لُغَتي . ولو أخضعتُ عاطفتي بحرف
الضاد ، تخضعني بحرف الياء عاطفتي ،
وللكلمات وَهيَ بعيدةٌ أَرضٌ تُجاوِرُ
كوكباً أَعلى . وللكلمات وَهيَ قريبةٌ
منفى . ولا يكفي الكتابُ لكي أَقول :
وجدتُ نفسي حاضراً مِلْءَ الغياب .
وكُلَّما فَتَّشْتُ عن نفسي وجدتُ
الآخرين . وكُلَّما فتَّشْتُ عَنْهُمْ لم
أَجد فيهم سوى نَفسي الغريبةِ ،
هل أَنا الفَرْدُ الحُشُودُ ؟
تعليق
-
وأَنا الغريبُ . تَعِبْتُ من ” درب الحليب ”
إلى الحبيب . تعبتُ من صِفَتي .
يَضيقُ الشَّكْلُ . يَتّسعُ الكلامُ . أُفيضُ
عن حاجات مفردتي . وأَنْظُرُ نحو
نفسي في المرايا :
هل أَنا هُوَ ؟
هل أُؤدِّي جَيِّداً دَوْرِي من الفصل
الأخيرِ ؟
وهل قرأتُ المسرحيَّةَ قبل هذا العرض ،
أَم فُرِضَتْ عليَّ ؟
وهل أَنا هُوَ من يؤدِّي الدَّوْرَ
أَمْ أَنَّ الضحيَّة غَيَّرتْ أَقوالها
لتعيش ما بعد الحداثة ، بعدما
انْحَرَفَ المؤلّفُ عن سياق النصِّ
وانصرَفَ المُمَثّلُ والشهودُ ؟
وجلستُ خلف الباب أَنظُرُ :
هل أَنا هُوَ ؟
هذه لُغَتي . وهذا الصوت وَخْزُ دمي
ولكن المؤلِّف آخَرٌ…
أَنا لستُ مني إن أَتيتُ ولم أَصِلْ
أَنا لستُ منِّي إن نَطَقْتُ ولم أَقُلْ
أَنا مَنْ تَقُولُ له الحُروفُ الغامضاتُ :
اكتُبْ تَكُنْ !
واقرأْ تَجِدْ !
وإذا أردْتَ القَوْلَ فافعلْ ، يَتَّحِدْ
ضدَّاكَ في المعنى …
وباطِنُكَ الشفيفُ هُوَ القصيدُ
بَحَّارَةٌ حولي ، ولا ميناء
أَفرغني الهباءُ من الإشارةِ والعبارةِ ،
لم أَجد وقتاً لأعرف أَين مَنْزِلَتي ،
الهُنَيْهةَ ، بين مَنْزِلَتَيْنِ . لم أَسأل
سؤالي ، بعد ، عن غَبَش التشابُهِ
بين بابَيْنِ : الخروج أم الدخول …
ولم أَجِدْ موتاً لأقْتَنِصَ الحياةَ .
ولم أَجِدْ صوتاً لأَصرخَ : أَيُّها
الزَمَنُ السريعُ ! خَطَفْتَني مما تقولُ
لي الحروفُ الغامضاتُ :
ألواقعيُّ هو الخياليُّ الأَكيدُ
يا أيها الزَمَنُ الذي لم ينتظِرْ …
لم يَنْتَظِرْ أَحداً تأخَّر عن ولادتِهِ ،
دَعِ الماضي جديداً ، فَهْوَ ذكراكَ
الوحيدةُ بيننا ، أيَّامَ كنا أَصدقاءك ،
لا ضحايا مركباتك . واترُكِ الماضي
كما هُوَ ، لا يُقَادُ ولا يَقُودُ
ورأيتُ ما يتذكَّرُ الموتى وما ينسون …
هُمْ لا يكبرون ويقرأون الوَقْتَ في
ساعات أيديهمْ . وَهُمْ لايشعرون
بموتنا أَبداً ولا بحياتهِمْ . لا شيءَ
ممَّا كُنْتُ أو سأكونُ . تنحلُّ الضمائرُ
كُلُّها . ” هو ” في ” أنا ” في ” أَنت ” .
لا كُلٌّ ولاجُزْءٌ . ولا حيٌّ يقول
لميِّتٍ : كُنِّي !
.. وتنحلُّ العناصرُ والمشاعرُ . لا
أَرى جَسَدي هُنَاكَ ، ولا أُحسُّ
بعنفوان الموت ، أَو بحياتيَ الأُولى .
كأنِّي لَسْتُ منّي . مَنْ أَنا ؟ أَأَنا
الفقيدُ أَم الوليدُ ؟
الوقْتُ صِفْرٌ . لم أُفكِّر بالولادة
حين طار الموتُ بي نحو السديم ،
فلم أكُن حَيّاً ولا مَيْتاً،
ولا عَدَمٌ هناك ، ولا وُجُودُ
تقولُ مُمَرِّضتي : أَنتَ أَحسَنُ حالا ً.
وتحقُنُني بالمُخَدِّر : كُنْ هادئاً
وجديراً بما سوف تحلُمُ
عما قليل …
رأيتُ طبيبي الفرنسيَّ
يفتح زنزانتي
ويضربني بالعصا
يُعَاونُهُ اثنانِ من شُرْطة الضاحيةْ
رأيتُ أَبي عائداً
من الحجِّ ، مُغمىً عليه
مُصَاباً بضربة شمسٍ حجازيّة
يقول لرفِّ ملائكةٍ حَوْلَهُ :
أَطفئوني ! …
رأيتُ شباباً مغاربةً
يلعبون الكُرَةْ
ويرمونني بالحجارة : عُدْ بالعبارةِ
واترُكْ لنا أُمَّنا
يا أَبانا الذي أخطَأَ المقبرةْ !
رأيت ” ريني شار ”
يجلس مع ” هيدغر ”
على بُعْدِ مترين منِّي ،
رأيتهما يشربان النبيذَ
ولا يبحثان عن الشعر …
كان الحوار شُعَاعاً
وكان غدٌ عابرٌ ينتظرْ
رأيتُ رفاقي الثلاثَةَ ينتحبونَ
وَهُمْ
يَخيطونَ لي كَفَناً
بخُيوطِ الذَّهَبْ
رأيت المعريَّ يطرد نُقَّادَهُ
من قصيدتِهِ :
لستُ أَعمى
لأُبْصِرَ ما تبصرونْ ،
فإنَّ البصيرةَ نورٌ يؤدِّي
إلى عَدَمٍ …. أَو جُنُونْ
رأيتُ بلاداً تعانقُني
بأَيدٍ صَبَاحيّة : كُنْ
جديراً برائحة الخبز . كُنْ
لائقا ً بزهور الرصيفْ
فما زال تَنُّورُ أُمِّكَ
مشتعلاً ،
والتحيَّةُ ساخنةً كالرغيفْ !
خضراءُ ، أَرضُ قصيدتي خضراءُ . نهرٌ واحدٌ يكفي
لأهمس للفراشة : آهِ ، يا أُختي ، ونَهْرٌ واحدٌ يكفي لإغواءِ
الأساطير القديمة بالبقاء على جناح الصَّقْر ، وَهْوَ يُبَدِّلُ
الراياتِ والقممَ البعيدةَ ، حيث أَنشأتِ الجيوشُ ممالِكَ
النسيان لي . لاشَعْبَ أَصْغَرُ من قصيدته . ولكنَّ السلاحَ
يُوَسِّعُ الكلمات للموتى وللأحياء فيها ، والحُرُوفَ تُلَمِّعُ
السيفَ المُعَلَّقَ في حزام الفجر ، والصحراء تنقُصُ
بالأغاني ، أَو تزيدُ
لاعُمْرَ يكفي كي أَشُدَّ نهايتي لبدايتي
أَخَذَ الرُّعَاةُ حكايتي وتَوَغَّلُوا في العشب فوق مفاتن
الأنقاض ، وانتصروا على النسيان بالأَبواق والسَّجَع
المشاع ، وأَورثوني بُحَّةَ الذكرى على حَجَرِ الوداع ، ولم
يعودوا …
رَعَويَّةٌ أَيَّامنا رَعَويَّةٌ بين القبيلة والمدينة ، لم أَجد لَيْلاً
خُصُوصِيّاً لهودجِكِ المُكَلَّلِ بالسراب ، وقلتِ لي :
ما حاجتي لاسمي بدونكَ ؟ نادني ، فأنا خلقتُكَ
عندما سَمَّيْتَني ، وقتلتَني حين امتلكتَ الاسمَ …
كيف قتلتَني ؟ وأَنا غريبةُ كُلِّ هذا الليل ، أَدْخِلْني
إلى غابات شهوتك ، احتضنِّي واعْتَصِرْني ،
واسفُك العَسَلَ الزفافيَّ النقيَّ على قفير النحل .
بعثرني بما ملكتْ يداك من الرياح ولُمَّني .
فالليل يُسْلِمُ روحَهُ لك يا غريبُ ، ولن تراني نجمةٌ
إلاّ وتعرف أَنَّ عائلتي ستقتلني بماء اللازوردِ ،
فهاتِني ليكونَ لي - وأَنا أُحطِّمُ جَرَّتي بيديَّ -
حاضِريَ السعيدُ
تعليق
-
هل قُلْتَ لي شيئاً يُغَيِّر لي سبيلي ؟
لم أَقُلْ . كانت حياتي خارجي
أَنا مَنْ يُحَدِّثُ نفسَهُ :
وَقَعَتْ مُعَلَّقتي الأَخيرةُ عن نخيلي
وأَنا المُسَافِرُ داخلي
وأَنا المُحَاصَرُ بالثنائياتِ ،
لكنَّ الحياة جديرَةٌ بغموضها
وبطائرِ الدوريِّ …
لم أُولَدْ لأَعرفَ أَنني سأموتُ ، بل لأُحبَّ محتوياتِ ظلِّ
اللهِ
يأخُذُني الجمالُ إلى الجميلِ
وأُحبُّ حُبَّك ، هكذا متحرراً من ذاتِهِ وصفاتِهِ
وأِنا بديلي …
أَنا من يُحَدِّثُ نَفْسَهُ :
مِنْ أَصغر الأشياءِ تُولَدُ أكبرُ الأفكار
والإيقاعُ لا يأتي من الكلمات ،
بل مِنْ وحدة الجَسَدَيْنِ
في ليلٍ طويلٍ …
أَنا مَنْ يحدِّثُ نَفْسَهُ
ويروِّضُ الذكرى … أَأَنتِ أَنا ؟
وثالثُنا يرفرف بيننا ” لا تَنْسَيَاني دائماً ”
يا مَوْتَنا ! خُذْنَا إليكَ على طريقتنا ، فقد نتعلَّمُ الإشراق …
لا شَمْسٌ ولا قَمَرٌ عليَّ
تركتُ ظلِّي عالقاً بغصون عَوْسَجَةٍ
فخفَّ بِيَ المكانُ
وطار بي روحي الشَّرُودُ
أَنا مَنْ يحدِّثُ نفسَهُ :
يا بنتُ : ما فَعَلَتْ بكِ الأشواقُ ؟
إن الريح تصقُلُنا وتحملنا كرائحة الخريفِ ،
نضجتِ يا امرأتي على عُكَّازَتيَّ ،
بوسعك الآن الذهابُ على ” طريق دمشق ”
واثقةً من الرؤيا . مَلاَكٌ حارسٌ
وحمامتان ترفرفان على بقيَّة عمرنا ، والأرضُ عيدُ …
الأرضُ عيدُ الخاسرين [ ونحن منهُمْ ]
نحن من أَثَرِ النشيد الملحميِّ على المكان ، كريشةِ النَّسْرِ
العجوز خيامُنا في الريح . كُنَّا طيِّبين وزاهدين بلا تعاليم
المسيح . ولم نكُنْ أَقوى من الأعشابِ إلاّ في ختام
الصَيْفِ ،
أَنتِ حقيقتي ، وأَنا سؤالُكِ
لم نَرِثْ شيئاً سوى اسْميْنَا
وأَنتِ حديقتي ، وأَنا ظلالُكِ
عند مفترق النشيد الملحميِّ …
ولم نشارك في تدابير الإلهات اللواتي كُنَّ يبدأن النشيد
بسحرهنَّ وكيدهنَّ . وكُنَّ يَحْمِلْنَ المكانَ على قُرُون
الوعل من زَمَنِ المكان إلى زمان آخرٍ …
كنا طبيعيِّين لو كانت نجومُ سمائنا أَعلى قليلاً من
حجارة بئرنا ، والأَنبياءُ أَقلَّ إلحاحاً ، فلم يسمع مدائحَنا
الجُنُودُ …
خضراءُ ، أرضُ قصيدتي خضراءُ
يحملُها الغنائيّون من زَمَنٍ إلى زَمَنٍ كما هِيَ في
خُصُوبتها .
ولي منها : تأمُّلُ نَرْجسٍ في ماء صُورَتِهِ
ولي منها وُضُوحُ الظلِّ في المترادفات
ودقَّةُ المعنى …
ولي منها : التَّشَابُهُ في كلام الأَنبياءِ
على سُطُوح الليلِ
لي منها : حمارُ الحكمةِ المنسيُّ فوق التلِّ
يسخَرُ من خُرافتها وواقعها …
ولي منها : احتقانُ الرمز بالأضدادِ
لا التجسيدُ يُرجِعُها من الذكرى
ولا التجريدُ يرفَعُها إلى الإشراقة الكبرى
ولي منها : ” أَنا ” الأُخرى
تُدَوِّنُ في مُفَكِّرَة الغنائيِّين يوميَّاتها :
(( إن كان هذا الحُلْمُ لا يكفي
فلي سَهَرٌ بطوليٌّ على بوابة المنفى … ))
ولي منها : صَدَى لُغتي على الجدران
يكشِطُ مِلْحَهَا البحريَّ
حين يخونني قَلْبٌ لَدُودُ …
تعليق
-
أَعلى من الأَغوار كانت حكمتي
إذ قلتُ للشيطان : لا . لا تَمْتَحِنِّي !
لا تَضَعْني في الثُّنَائيّات ، واتركني
كما أَنا زاهداً برواية العهد القديم
وصاعداً نحو السماء ، هُنَاكَ مملكتي
خُذِ التاريخَ ، يا ابنَ أَبي ، خُذِ
التاريخَ … واصنَعْ بالغرائز ما تريدُ
وَلِيَ السكينةُ . حَبَّةُ القمح الصغيرةُ
سوف تكفينا ، أَنا وأَخي العَدُوّ ،
فساعتي لم تَأْتِ بَعْدُ . ولم يَحِنْ
وقتُ الحصاد . عليَّ أَن أَلِجَ الغيابَ
وأَن أُصدِّقَ أوَّلاً قلبي وأتبعَهُ إلى
قانا الجليل . وساعتي لم تأتِ بَعْدُ .
لَعَلَّ شيئاً فيَّ ينبُذُني . لعلِّي واحدٌ
غيري . فلم تنضج كُرومُ التين حول
ملابس الفتيات بَعْدُ . ولم تَلِدْني
ريشةُ العنقاء . لا أَحَدٌ هنالك
في انتظاري . جئْتُ قبل ، وجئتُ
بعد ، فلم أَجد أحداً يُصَدِّق ما
أرى . أنا مَنْ رأى . وأَنا البعيدُ
أَنا البعيدُ
مَنْ أَنتَ ، يا أَنا ؟ في الطريقِ
اثنانِ نَحْنُ ، وفي القيامة واحدٌ .
خُذْني إلى ضوء التلاشي كي أَرى
صَيْرُورتي في صُورَتي الأُخرى . فَمَنْ
سأكون بعدَكَ ، يا أَنا ؟ جَسَدي
ورائي أم أَمامَكَ ؟ مَنْ أَنا يا
أَنت ؟ كَوِّنِّي كما كَوَّنْتُكَ ، ادْهَنِّي
بزيت اللوز ، كَلِّلني بتاج الأرز .
واحملني من الوادي إلى أَبديّةٍ
بيضاءَ . عَلِّمني الحياةَ على طريقتِكَ ،
اختَبِرْني ذَرَّةً في العالم العُلْوِيِّ .
ساعِدْني على ضَجَر الخلود ، وكُنْ
رحيماً حين تجرحني وتبزغ من
شراييني الورودُ …
لم تـأت سـاعـتُنا . فـلا رُسُـلٌ يَـقِـيـسُـونَ
الزمانَ بقبضة العشب الأخير . هل استدار ؟ ولا ملائكةٌ
يزورون المكانَ ليتركَ الشعراءُ ماضِيَهُمْ على الشَّفَق
الجميل ، ويفتحوا غَدَهُمْ بأيديهمْ .
فغنِّي يا إلهتيَ الأثيرةَ ، ياعناةُ ،
قصيدتي الأُولى عن التكوين ثانيةً …
فقد يجدُ الرُّوَاةُ شهادةَ الميلاد
للصفصاف في حَجَرٍ خريفيّ . وقد يجدُ
الرعاةُ البئرَ في أَعماق أُغنية . وقد
تأتي الحياةُ فجاءةً للعازفين عن
المعاني من جناح فراشةٍ عَلِقَتْ
بقافيةٍ ، فغنِّي يا إلهتيَ الأَثيرةَ
يا عناةُ ، أَنا الطريدةُ والسهامُ ،
أَنا الكلامُ . أَنا المؤبِّنُ والمؤذِّنُ
والشهيدُ
ما قلتُ للطَّلَلِ : الوداع . فلم أَكُنْ
ما كُنْتُ إلاّ مَرَّةً . ما كُنْتُ إلاّ
مرَّةً تكفي لأَعرف كيف ينكسرُ الزمانُ
كخيمة البدويِّ في ريح الشمال ،
وكيف يَنْفَطِرُ المكانُ ويرتدي الماضي
نُثَارَ المعبد المهجور . يُشبهُني كثيراً
كُلُّ ما حولي ، ولم أُشْبِهْ هنا
شيئاً . كأنَّ الأرض ضَيِّقَةٌ على
المرضى الغنائيِّين ، أَحفادِ الشياطين
المساكين المجانين الذين إذا رأوا
حُلْماً جميلاً لَقَّنُوا الببغاءَ شِعْر
الحب ، وانفتَحتْ أَمامَهُمُ الحُدُودُ …
وأُريدُ أُن أُحيا …
فلي عَمَلٌ على ظهر السفينة . لا
لأُنقذ طائراً من جوعنا أَو من
دُوَارِ البحر ، بل لأُشاهِدَ الطُوفانَ
عن كَثَبٍ : وماذا بعد ؟ ماذا
يفعَلُ الناجونَ بالأرض العتيقة ؟
هل يُعيدونَ الحكايةَ ؟ ما البدايةُ ؟
ما النهايةُ ؟ لم يعد أَحَدٌ من
الموتى ليخبرنا الحقيقة … /
أَيُّها الموتُ انتظرني خارج الأرض ،
انتظرني في بلادِكَ ، ريثما أُنهي
حديثاً عابراً مَعَ ما تبقَّى من حياتي
قرب خيمتكَ ، انتظِرْني ريثما أُنهي
قراءةَ طَرْفَةَ بنِ العَبْد . يُغْريني
الوجوديّون باستنزاف كُلِّ هُنَيْهَةٍ
حريةً ، وعدالةً ، ونبيذَ آلهةٍ … /
فيا مَوْتُ ! انتظرني ريثما أُنهي
تدابيرَ الجنازة في الربيع الهَشّ ،
حيث وُلدتُ ، حيث سأمنع الخطباء
من تكرار ما قالوا عن البلد الحزين
وعن صُمُود التينِ والزيتونِ في وجه
الزمان وجيشِهِ . سأقول : صُبُّوني
بحرف النون ، حيث تَعُبُّ روحي
سورةُ الرحمن في القرآن . وامشوا
صامتين معي على خطوات أَجدادي
ووقع الناي في أَزلي . ولا
تَضَعُوا على قبري البنفسجَ ، فَهْوَ
زَهْرُ المُحْبَطين يُذَكِّرُ الموتى بموت
الحُبِّ قبل أَوانِهِ . وَضَعُوا على
التابوتِ سَبْعَ سنابلٍ خضراءَ إنْ
وُجِدَتْ ، وبَعْضَ شقائقِ النُعْمانِ إنْ
وُجِدَتْ . وإلاّ ، فاتركوا وَرْدَ
الكنائس للكنائس والعرائس /
أَيُّها الموت انتظر ! حتى أُعِدَّ
حقيبتي : فرشاةَ أسناني ، وصابوني
وماكنة الحلاقةِ ، والكولونيا ، والثيابَ .
هل المناخُ هُنَاكَ مُعْتَدِلٌ ؟ وهل
تتبدَّلُ الأحوالُ في الأبدية البيضاء ،
أم تبقى كما هِي في الخريف وفي
الشتاء ؟ وهل كتابٌ واحدٌ يكفي
لِتَسْلِيَتي مع اللاَّ وقتِ ، أمْ أَحتاجُ
مكتبةً ؟ وما لُغَةُ الحديث هناك ،
دارجةٌ لكُلِّ الناس أَم عربيّةٌ
فُصْحى/
.. ويا مَوْتُ انتظرْ ، ياموتُ ،
حتى أستعيدَ صفاءَ ذِهْني في الربيع
وصحّتي ، لتكون صيَّاداً شريفاً لا
يَصيدُ الظَّبْيَ قرب النبع . فلتكنِ العلاقةُ
بيننا وُدّيَّةً وصريحةً : لَكَ أنَتَ
مالَكَ من حياتي حين أَملأُها ..
ولي منك التأمُّلُ في الكواكب :
لم يَمُتْ أَحَدٌ تماماً ، تلك أَرواحٌ
تغيِّر شَكْلَها ومُقَامَها /
يا موت ! ياظلِّي الذي
سيقودُني ، يا ثالثَ الاثنين ، يا
لَوْنَ التردُّد في الزُمُرُّد والزَّبَرْجَدِ ،
يا دَمَ الطاووس ، يا قَنَّاصَ قلب
الذئب ، يا مَرَض الخيال ! اجلسْ
على الكرسيّ ! ضَعْ أَدواتِ صيدكَ
تحت نافذتي . وعلِّقْ فوق باب البيت
سلسلةَ المفاتيح الثقيلةَ ! لا تُحَدِّقْ
يا قويُّ إلى شراييني لترصُدَ نُقْطَةَ
الضعف الأَخيرةَ . أَنتَ أَقوى من
نظام الطبّ . أَقوى من جهاز
تَنَفُّسي . أَقوى من العَسَلِ القويّ ،
ولَسْتَ محتاجاً - لتقتلني - إلى مَرَضي .
فكُنْ أَسْمَى من الحشرات . كُنْ مَنْ
أَنتَ ، شفَّافاً بريداً واضحاً للغيب .
كن كالحُبِّ عاصفةً على شجر ، ولا
تجلس على العتبات كالشحَّاذ أو جابي
الضرائبِ . لا تكن شُرطيّ سَيْرٍ في
الشوارع . كن قويّاً ، ناصعَ الفولاذ ، واخلَعْ عنك أَقنعةَ
الثعالب . كُنْ
فروسياً ، بهياً ، كامل الضربات . قُلْ
ماشئْتَ : (( من معنى إلى معنى
أَجيءُ . هِيَ الحياةُ سُيُولَةٌ ، وأَنا
أكثِّفُها ، أُعرِّفُها بسُلْطاني وميزاني )) .. /
ويامَوْتُ انتظرْ ، واجلس على
الكرسيّ . خُذْ كأسَ النبيذ ، ولا
تفاوِضْني ، فمثلُكَ لا يُفاوِضُ أَيَّ
إنسانٍ ، ومثلي لا يعارضُ خادمَ
الغيبِ . استرح … فَلَرُبَّما أُنْهِكْتَ هذا
اليوم من حرب النجوم . فمن أَنا
لتزورني ؟ أَلَدَيْكَ وَقْتٌ لاختبار
قصيدتي . لا . ليس هذا الشأنُ
شأنَكَ . أَنت مسؤولٌ عن الطينيِّ في
البشريِّ ، لا عن فِعْلِهِ أو قَوْلِهِ /
هَزَمَتْكَ يا موتُ الفنونُ جميعُها .
هزمتك يا موتُ الأغاني في بلاد
الرافدين . مِسَلَّةُ المصريّ ، مقبرةُ الفراعنةِ ،
النقوشُ على حجارة معبدٍ هَزَمَتْكَ
وانتصرتْ ، وأِفْلَتَ من كمائنك
الخُلُودُ …
فاصنع بنا ، واصنع بنفسك ما تريدُ
وأَنا أُريدُ ، أريدُ أَن أَحيا …
فلي عَمَلٌ على جغرافيا البركان .
من أَيام لوط إلى قيامة هيروشيما
واليبابُ هو اليبابُ . كأنني أَحيا
هنا أَبداً ، وبي شَبَقٌ إلى ما لست
أَعرف . قد يكون ” الآن ” أَبعَدَ .
قد يكونُ الأمس أَقربَ . والغَدُ الماضي .
ولكني أَشدُّ ” الآن ” من يَدِهِ ليعبُرَ
قربيَ التاريخُ ، لا الزَّمَنُ المُدَوَّرُ ،
مثل فوضى الماعز الجبليِّ . هل
أنجو غداً من سرعة الوقت الإلكترونيّ ،
أَم أَنجو غداً من بُطْء قافلتي
على الصحراء؟ لي عَمَلٌ لآخرتي
كأني لن أَعيش غداً. ولي عَمَلٌ ليومٍ
حاضرٍ أَبداً . لذا أُصغي ، على مَهَلٍ
على مَهَل ، لصوت النمل في قلبي :
أعينوني على جَلَدي . وأَسمع صَرْخَةَ
الحَجَر الأسيرةَ : حَرِّروا جسدي . وأُبصرُ
في الكمنجة هجرةَ الأشواق من بَلَدٍ
تُرَابيّ إلى بَلَدٍ سماويّ . وأَقبضُ في
يد الأُنثى على أَبَدِي الأليفِ : خُلِقتُ
ثم عَشِقْتُ ، ثم زهقت ، ثم أَفقتُ
في عُشْبٍ على قبري يدلُّ عليَّ من
حينٍ إلى حينٍ . فما نَفْعُ الربيع
السمح إن لم يُؤْنِس الموتى ويُكْمِلْ
بعدهُمْ فَرَحَ الحياةِ ونَضْرةَ النسيان ؟
تلك طريقةٌ في فكِّ لغز الشعرِ ،
شعري العاطفيّ على الأَقلِّ . وما
المنامُ سوى طريقنا الوحيدة في الكلام /
وأَيُّها الموتُ التَبِسْ واجلسْ
على بلَّوْرِ أَيامي ، كأنَّكَ واحدٌ من
أَصدقائي الدائمين ، كأنَّكَ المنفيُّ بين
الكائنات . ووحدك المنفيُّ . لا تحيا
حياتَكَ . ما حياتُكَ غير موتي . لا
تعيش ولا تموت . وتخطف الأطفالَ
من عَطَشِ الحليب إلى الحليب . ولم
تكن طفلاً تهزُّ له الحساسينُ السريرَ ،
ولم يداعِبْكَ الملائكةُ الصغارُ ولا
قُرونُ الأيِّل الساهي ، كما فَعَلَتْ لنا
نحن الضيوفَ على الفراشة . وحدك
المنفيُّ ، يا مسكين ، لا امرأةٌ تَضُمُّك
بين نهديها ، ولا امرأةٌ تقاسِمُك
الحنين إلى اقتصاد الليل باللفظ الإباحيِّ
المرادفِ لاختلاط الأرض فينا بالسماءِ .
ولم تَلِدْ وَلَداً يجيئك ضارعاً : أَبتي ،
أُحبُّكَ . وحدك المنفيُّ ، يا مَلِكَ
الملوك ، ولا مديحَ لصولجانكَ . لا
صُقُورَ على حصانك . لا لآلئَ حول
تاجك . أَيُّها العاري من الرايات
والبُوق المُقَدَّسِ ! كيف تمشي هكذا
من دون حُرَّاسٍ وجَوْقَةِ منشدين ،
كَمِشْيَة اللصِّ الجبان . وأَنتَ مَنْ
أَنتَ ، المُعَظَّمُ ، عاهلُ الموتى ، القويُّ ،
وقائدُ الجيش الأَشوريِّ العنيدُ
فاصنع بنا ، واصنع بنفسك ما تريدُ
تعليق
-
بين ريتا وعيوني ... بندقية
والذي يعرف ريتا، ينحني
ويصلي
لإله في العيون العسلية
... وأنا قبَّلت ريتا
عندما كانت صغيرة
وأنا أذكر كيف التصقت
بي ، وغطت ساعدي أحلى ضفيرة
وأنا أذكر ريتا
مثلما يذكر عصفورٌ غديره
آه ... ريتا
بينما مليون عصفور وصورة
ومواعيد كثيرة
أطلقت ناراً عليها ... بندقية
اسم ريتا كان عيداً في فمي
جسم ريتا كان عرساً في دمي
وأنا ضعت بريتا ... سنتين
وهي نامت فوق زندي سنتين
وتعاهدنا على أجمل كأس ، واحترقنا
في نبيذ الشفتين
وولدنا مرتين
آه ... ريتا
أي شيء ردَّ عن عينيك عينيَّ
سوى إغفاءتين
وغيوم عسلية
!قبل هذي البندقية
كان يا ما كان
يا صمت العشيّة
قمري هاجر في الصبح بعيداً
في العيون العسلية
والمدينة
كنست كل المغنين، وريتا
بين ريتا وعيوني ... بندقية
/
/
ريتا والبندقية ..
تعليق
-
تعليق
تعليق