مرسي يقف «انتباه» وسط قيادات الجيش
لثلاث دقائق و22 ثانية كاملة، وقف الرئيس مرسي في وضعية «انتباه» ـ حقيقة وليس مجازاً ـ على سلم المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وسط قيادات الجيش، وإلى يمينه وزير الدفاع الفريق أول عبد الفتاح السيسي، يتحدث لأول مرة إلى التلفزيون.
السيسي بدا هادئاً في أول حديثه، إذ قال إن الاجتماع المفاجئ الذي جمع بين قادة الجيش ومرسي «جاء في إطار التواصل بين السيد الرئيس وأعضاء المجلس»، لكنه عرّج فوراً إلى النقطة الأساسية التي استهدفها الاجتماع، قائلا إنّ الرئيس تفهم قلق القوات المسلحة من الإساءة التي تواجهه في هذه المرحلة.
صحيح أن السيسي لم يحدد الجهة التي تهاجم الجيش، لكن الجميع يعرفها جيداً: عدد من القيادات المحسوبة على «الإخوان المسلمين»، آخرهم عضو مجلس شورى الجماعة محيي الزايط، الذي ظهر في مقطع فيديو الشهر الماضي يلقي قصيدة شعر في احتفال «إخواني»، وقال فيها «ما قيمة جيش من أسد/ لتحرك جيش جرار/ إن كان يقودهم الفار».
لهجة وزير الدفاع مالت إلى الحدة وهو يقسم بالله ثلاث مرات قائلا «أقسم بالله أن القوات المسلحة منذ 25 يناير 2011 لم تقتل ولم تأمر بقتل، ولم تغدر ولم تأمر بغدر، ولم تخن ولم تأمر بخيانة»، في رد حاسم على تسريبات «إخوانية» تتحدث عن مسؤولية الجيش عن قتل المتظاهرين خلال أحداث الثورة، استناداً إلى تقرير لجنة تقصي الحقائق التي شكلها مرسي عقب وصوله إلى السلطة.
ومنذ أن سلمت اللجنة تقريرها إلى مرسي في كانون الثاني الماضي، لم يتخذ أي تحرك بصدد ما جاء فيه، كما لم يتم كشف تفاصيل التقرير، إلا في تسريبات صحافية مقصودة، استهدفت الجزء الخاص بمسؤولية الجيش في الأحداث بحسب التقرير.
حدّة وزير الدفاع تحولت إلى غضب بدا مثيراً أن يخرج من قيادة عسكرية، وإلى جواره الرئيس «الإخواني» صامتاً ملتزماً بالوقفة العسكرية، عندما ختم كلمته النادرة للتلفزيون الرسمي قائلا «يا ريت أي حد سامعنا يخلي باله قبل أن يسيء إلى جيشه الوطني»، في تهديد لا يحتاج إلى كثير من الشرح.
اللقاء كان المحاولة الأخيرة لاستيعاب غضب الجيش وقياداته من الإهانات «الإخوانية» المتتالية، ومن التفريط المزعج من مرسي في تصريحاته حول الحدود، قبل أن يصل إلى مرحلة لا يمكن معها التحرك.
الترضية بدت واضحة في التصريحات الصحافية غير المسبوقة في مثل هذه الاجتماعات، وكأن الطرفان (مرسي والجيش) يريدان القول للجميع إن هناك هدنة مؤقتة. وثمة خطوة بروتوكولية لوحظت أيضاً تؤكد ذلك، وهي أن الكلمة المتلفزة، بدأت بتصريحات للسيسي أولاً، ثم تحدث مرسي بعده، بالرغم من أنه تبعاً للترتيبات العسكرية، وليس السياسية حتى، فإن مرسي هو القائد الأعلى للقوات المسلحة، بينما السيسي هو القائد العام، عدا أن مرسي هو رئيس الجمهورية.
ترضية الجيش وصلت إلى حد أن مرسي عندما تحرر من وقفته العسكرية خلال كلمة السيسي، متحدثاً إلى التلفزيون، احتفى بترقية قادة الأفرع الرئيسية في الجيش (قادة القوات البحرية والجوية والدفاع الجوي) إلى رتبة فريق.
وإذا كانت الترقية أمراً روتينياًَ، خاصة أن القادة الثلاثة يشغلون المنصب منذ سبعة أشهر، وأن القرار يتم بموافقة الرئيس، فإن إعلان مرسي لذلك في لقاء متلفز وعقب الاجتماع مع المجلس العسكري يحمل دلالة واضحة، وهي الدلالة ذاتها التي يحملها حديث مرسي عن قيام الجيش بتأمين حدود مصر الشرقية والجنوبية كاملة وغير منقوصة، وعن دور الجيش في تنمية محور قناة السويس، في إشارة يسعى بها للرد على الارتباك الذي صنعته زيارته إلى السودان وعدم وجود رد حاسم منه على تصريحات من مساعد الرئيس السوداني، عن عودة مثلث حلايب وشلاتين الموجود داخل الحدود المصرية إلى السودان، وكذلك تنامي الحديث عن يد طولى لقطر في تطوير قناة السويس.
ويشكل التأكيد على دور الجيش في تنمية القوات المسلحة مكسبين استراتيجيين وماليين للجيش، كونه يؤمن المحور الحيوي، ويستفيد في ذات الوقت من عائدات الاستثمارات فيه.
وبرغم كل هذه الإشارات والدلالات فإن المتحدث باسم «حزب الحرية والعدالة»، الذراع السياسي لـ«الإخوان»، مراد علي قلل، في حديث إلى «السفير»، من إمكانية إعطاء أي معنى سياسي للقاء مرسي مع قادة الجيش، قائلا «نحن كحزب ليس لنا علاقة باللقاء الذي حصل، هذا أمر يخص الرئاسة. ماذا نفعل عندما يدير الرئيس المؤسسات التابعة له ومن ضمنها الجيش؟»، مضيفاً «نحن أحرص الناس على إبعاد الجيش عن السياسة، لأن هذا أمر في منتهى الخطورة». وقد يبدو كلامه صحيحاً فعلاً، خاصة في ما يتعلق بالخطورة، ولكن لماذا يورط «الإخوان» أنفسهم في مواجهات مع الجيش، ثم يذهب رئيسهم ليحاول ترضيتهم واقفاً «انتباه» من دون أن يتحرك؟
لثلاث دقائق و22 ثانية كاملة، وقف الرئيس مرسي في وضعية «انتباه» ـ حقيقة وليس مجازاً ـ على سلم المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وسط قيادات الجيش، وإلى يمينه وزير الدفاع الفريق أول عبد الفتاح السيسي، يتحدث لأول مرة إلى التلفزيون.
السيسي بدا هادئاً في أول حديثه، إذ قال إن الاجتماع المفاجئ الذي جمع بين قادة الجيش ومرسي «جاء في إطار التواصل بين السيد الرئيس وأعضاء المجلس»، لكنه عرّج فوراً إلى النقطة الأساسية التي استهدفها الاجتماع، قائلا إنّ الرئيس تفهم قلق القوات المسلحة من الإساءة التي تواجهه في هذه المرحلة.
صحيح أن السيسي لم يحدد الجهة التي تهاجم الجيش، لكن الجميع يعرفها جيداً: عدد من القيادات المحسوبة على «الإخوان المسلمين»، آخرهم عضو مجلس شورى الجماعة محيي الزايط، الذي ظهر في مقطع فيديو الشهر الماضي يلقي قصيدة شعر في احتفال «إخواني»، وقال فيها «ما قيمة جيش من أسد/ لتحرك جيش جرار/ إن كان يقودهم الفار».
لهجة وزير الدفاع مالت إلى الحدة وهو يقسم بالله ثلاث مرات قائلا «أقسم بالله أن القوات المسلحة منذ 25 يناير 2011 لم تقتل ولم تأمر بقتل، ولم تغدر ولم تأمر بغدر، ولم تخن ولم تأمر بخيانة»، في رد حاسم على تسريبات «إخوانية» تتحدث عن مسؤولية الجيش عن قتل المتظاهرين خلال أحداث الثورة، استناداً إلى تقرير لجنة تقصي الحقائق التي شكلها مرسي عقب وصوله إلى السلطة.
ومنذ أن سلمت اللجنة تقريرها إلى مرسي في كانون الثاني الماضي، لم يتخذ أي تحرك بصدد ما جاء فيه، كما لم يتم كشف تفاصيل التقرير، إلا في تسريبات صحافية مقصودة، استهدفت الجزء الخاص بمسؤولية الجيش في الأحداث بحسب التقرير.
حدّة وزير الدفاع تحولت إلى غضب بدا مثيراً أن يخرج من قيادة عسكرية، وإلى جواره الرئيس «الإخواني» صامتاً ملتزماً بالوقفة العسكرية، عندما ختم كلمته النادرة للتلفزيون الرسمي قائلا «يا ريت أي حد سامعنا يخلي باله قبل أن يسيء إلى جيشه الوطني»، في تهديد لا يحتاج إلى كثير من الشرح.
اللقاء كان المحاولة الأخيرة لاستيعاب غضب الجيش وقياداته من الإهانات «الإخوانية» المتتالية، ومن التفريط المزعج من مرسي في تصريحاته حول الحدود، قبل أن يصل إلى مرحلة لا يمكن معها التحرك.
الترضية بدت واضحة في التصريحات الصحافية غير المسبوقة في مثل هذه الاجتماعات، وكأن الطرفان (مرسي والجيش) يريدان القول للجميع إن هناك هدنة مؤقتة. وثمة خطوة بروتوكولية لوحظت أيضاً تؤكد ذلك، وهي أن الكلمة المتلفزة، بدأت بتصريحات للسيسي أولاً، ثم تحدث مرسي بعده، بالرغم من أنه تبعاً للترتيبات العسكرية، وليس السياسية حتى، فإن مرسي هو القائد الأعلى للقوات المسلحة، بينما السيسي هو القائد العام، عدا أن مرسي هو رئيس الجمهورية.
ترضية الجيش وصلت إلى حد أن مرسي عندما تحرر من وقفته العسكرية خلال كلمة السيسي، متحدثاً إلى التلفزيون، احتفى بترقية قادة الأفرع الرئيسية في الجيش (قادة القوات البحرية والجوية والدفاع الجوي) إلى رتبة فريق.
وإذا كانت الترقية أمراً روتينياًَ، خاصة أن القادة الثلاثة يشغلون المنصب منذ سبعة أشهر، وأن القرار يتم بموافقة الرئيس، فإن إعلان مرسي لذلك في لقاء متلفز وعقب الاجتماع مع المجلس العسكري يحمل دلالة واضحة، وهي الدلالة ذاتها التي يحملها حديث مرسي عن قيام الجيش بتأمين حدود مصر الشرقية والجنوبية كاملة وغير منقوصة، وعن دور الجيش في تنمية محور قناة السويس، في إشارة يسعى بها للرد على الارتباك الذي صنعته زيارته إلى السودان وعدم وجود رد حاسم منه على تصريحات من مساعد الرئيس السوداني، عن عودة مثلث حلايب وشلاتين الموجود داخل الحدود المصرية إلى السودان، وكذلك تنامي الحديث عن يد طولى لقطر في تطوير قناة السويس.
ويشكل التأكيد على دور الجيش في تنمية القوات المسلحة مكسبين استراتيجيين وماليين للجيش، كونه يؤمن المحور الحيوي، ويستفيد في ذات الوقت من عائدات الاستثمارات فيه.
وبرغم كل هذه الإشارات والدلالات فإن المتحدث باسم «حزب الحرية والعدالة»، الذراع السياسي لـ«الإخوان»، مراد علي قلل، في حديث إلى «السفير»، من إمكانية إعطاء أي معنى سياسي للقاء مرسي مع قادة الجيش، قائلا «نحن كحزب ليس لنا علاقة باللقاء الذي حصل، هذا أمر يخص الرئاسة. ماذا نفعل عندما يدير الرئيس المؤسسات التابعة له ومن ضمنها الجيش؟»، مضيفاً «نحن أحرص الناس على إبعاد الجيش عن السياسة، لأن هذا أمر في منتهى الخطورة». وقد يبدو كلامه صحيحاً فعلاً، خاصة في ما يتعلق بالخطورة، ولكن لماذا يورط «الإخوان» أنفسهم في مواجهات مع الجيش، ثم يذهب رئيسهم ليحاول ترضيتهم واقفاً «انتباه» من دون أن يتحرك؟
تعليق