إسرائيل تَقصف وتُغير وتهاجم... وتخسر من جديد!
المُواجهة الحالية بين الجيش الإسرائيلي والقوى الفلسطينية المختلفة في قطاع غزة ليست الأولى من نوعها. فخبر الغارات الإسرائيليّة العنيفة على القطاع والتي تردّ عليها المقاومة الفلسطينية بإطلاق عشرات الصواريخ على المستعمرات الإسرائيليّة يكاد يكون نسخة مُكرّرة من "سيناريو" سابق ضمن صراع طويل لا نهاية له في الأفق، بغضّ النظر عن نتائج كل جولة جديدة منه. وبحسب أكثر من محلّل متابع للوضع، فإنّ مصير العمليّة العسكرية التي أطلقها الجيش الإسرائيلي بإسم "الجرف الصامد" لن يكون أفضل من مصير الكثير من العمليّات التي سبقتها، وفي طليعتها عمليّة "عامود السحاب" (1) في العام 2012، وقبلها عمليّة "الرصاص المصبوب" في العام 2008 (2). وأسباب الخسارة متعدّدة، وأبرزها:
أوّلاً: من الناحية الإقتصادية، لا شيء يَخسره الفلسطينيّون في ظلّ أوضاع معيشية وإقتصادية صعبة يعيشونها في قطاع غزّة منذ سنوات طويلة، بينما من شأن التصعيد الحالي، في حال تطوّره أكثر، أن ينعكس ضربة قاضية لكامل الموسم السياحي الإسرائيلي لهذا الصيف، حيث سيتسبّب بإلغاء أغلبيّة الحجوزات.
ثانياً: من الناحية السياسية، من المُتوقّع أن تُسفر المواجهة العسكرية الجديدة عن إستبعاد العودة قريباً إلى طاولة المفاوضات الفلسطينيّة-الإسرائيلية، والتي فشلت جولاتها الأخيرة في تحقيق أيّ تقدّم. في المقابل، من المُرتقب زيادة التكاتف بين الفلسطينيّين، وتقوية نفوذ حركة حماس داخل السلطة، علماً أنّ إسرائيل كانت أبدت إنتقادها الشديد لدخول ممثّلي حماس إلى حكومة السلطة الفلسطينيّة الموحّدة.
ثالثاً: من الناحية العسكرية، وعلى الرغم من موافقة الحكومة الإسرائيليّة على إستدعاء أربعين ألف جندي إحتياط، فإنّ أيّ عمليّة بريّة ستكون باهظة الثمن البشري، وهي – في حال حصولها – ستؤمّن سيطرة جغرافية محدودة لقوّات الإحتلال الإسرائيلي ولفترة زمنيّة قصيرة، لتعود الأمور إلى ما قبل العمليّة بمجرّد حصول تدخّل دولي والضغط لوقف الهجمات المتبادلة. وأقصى ما يُمكن أن تأمل به إسرائيل يتمثّل بتدمير بعض البنى التحتيّة التابعة لحركتي حماس والجهاد الإسلامي وربما للسلطة. رابعاً: من الناحية المعنوية، من المُتوقّع أن يُضيف الجيش الإسرائيلي إلى سجّله فشلاً جديداً على مستوى "قُدرة الردع" التي كان يتمتّع بها في السابق، حيث لن ينجح في منع إطلاق الصواريخ، إلا لفترة قصيرة في أفضل الأحوال، علماً أنّ الظروف الحالية لا يُمكن أن تكون مؤاتية أكثر له، حيث أنّ العالم العربي غارق بمشاكله الداخلية وبانقساماته، والعالم الغربي مُهتمّ بقضايا أخرى مختلفة عن مأساة الشعب الفلسطيني. كما ستكون الفرصة متاحة للفلسطينيّين لتنفيذ عمليّات هجومية نوعيّة وغير مسبوقة.
خامساً: من الناحية التكتيّة، سيُسرّع العدوان الجديد على غزّة محاولات إصلاح علاقة حركة حماس بإيران، بعد أن كان تواصل الحركة الإسلامية الفلسطينية بطهران قد إنقطع بفعل تباين مواقف ومواقع الجانبين من الحرب السورية، علماً أنّ حماس كانت في عزلة شبه تامة نتيجة رهانها على حكم "الإخوان المسلمين" في مصر، والذي إنتهى بالسقوط المدوّي، لتسقط منافذ الدعم الخلفي للحركة.
في الخلاصة، إنّ مضيّ الجانب الإسرائيلي في تصعيده ليس ناجماً عن إقتناعه بإيجابيّة النتائج، ولا إقتناعاً بنهاية محسومة لصالحه، بل لأنّ لا خيار أمام القوّات الاسرائيلية إلا الردّ بما تملك من قدرة صاروخيّة وهجوميّة، في محاولة لإنقاذ ما تبقّى لها من هيبة من جهة، وبهدف إلحاق أكبر قدر من الأضرار والخسائر في الجانب الفلسطيني، وإستجلاباً لتدخّل عربي-غربي تأمل إسرائيل أن يؤمّن تهدئة طويلة نسبياً في إنتظار جولة مقبلة من المواجهات! (1) المواجهة إستمرّت بين 14 و21 تشرين الثاني 2012، وقتل فيها 155 فلسطينياً وسقط مئات الجرحى، في مقابل مقتل 20 إسرائيلياً وجرح المئات الآخرين.
(2) المواجهة إستمرّت بين 27 كانون الأوّل 2008 و18 كانون الثاني 2009، وقتل فيها 1417 فلسطينياً وجرح 4336 شخصاً، في مقابل وقوع 13 قتيلاً في صفوف الإسرائيليّين، إضافة إلى نحو 400 جريح.
المُواجهة الحالية بين الجيش الإسرائيلي والقوى الفلسطينية المختلفة في قطاع غزة ليست الأولى من نوعها. فخبر الغارات الإسرائيليّة العنيفة على القطاع والتي تردّ عليها المقاومة الفلسطينية بإطلاق عشرات الصواريخ على المستعمرات الإسرائيليّة يكاد يكون نسخة مُكرّرة من "سيناريو" سابق ضمن صراع طويل لا نهاية له في الأفق، بغضّ النظر عن نتائج كل جولة جديدة منه. وبحسب أكثر من محلّل متابع للوضع، فإنّ مصير العمليّة العسكرية التي أطلقها الجيش الإسرائيلي بإسم "الجرف الصامد" لن يكون أفضل من مصير الكثير من العمليّات التي سبقتها، وفي طليعتها عمليّة "عامود السحاب" (1) في العام 2012، وقبلها عمليّة "الرصاص المصبوب" في العام 2008 (2). وأسباب الخسارة متعدّدة، وأبرزها:
أوّلاً: من الناحية الإقتصادية، لا شيء يَخسره الفلسطينيّون في ظلّ أوضاع معيشية وإقتصادية صعبة يعيشونها في قطاع غزّة منذ سنوات طويلة، بينما من شأن التصعيد الحالي، في حال تطوّره أكثر، أن ينعكس ضربة قاضية لكامل الموسم السياحي الإسرائيلي لهذا الصيف، حيث سيتسبّب بإلغاء أغلبيّة الحجوزات.
ثانياً: من الناحية السياسية، من المُتوقّع أن تُسفر المواجهة العسكرية الجديدة عن إستبعاد العودة قريباً إلى طاولة المفاوضات الفلسطينيّة-الإسرائيلية، والتي فشلت جولاتها الأخيرة في تحقيق أيّ تقدّم. في المقابل، من المُرتقب زيادة التكاتف بين الفلسطينيّين، وتقوية نفوذ حركة حماس داخل السلطة، علماً أنّ إسرائيل كانت أبدت إنتقادها الشديد لدخول ممثّلي حماس إلى حكومة السلطة الفلسطينيّة الموحّدة.
ثالثاً: من الناحية العسكرية، وعلى الرغم من موافقة الحكومة الإسرائيليّة على إستدعاء أربعين ألف جندي إحتياط، فإنّ أيّ عمليّة بريّة ستكون باهظة الثمن البشري، وهي – في حال حصولها – ستؤمّن سيطرة جغرافية محدودة لقوّات الإحتلال الإسرائيلي ولفترة زمنيّة قصيرة، لتعود الأمور إلى ما قبل العمليّة بمجرّد حصول تدخّل دولي والضغط لوقف الهجمات المتبادلة. وأقصى ما يُمكن أن تأمل به إسرائيل يتمثّل بتدمير بعض البنى التحتيّة التابعة لحركتي حماس والجهاد الإسلامي وربما للسلطة. رابعاً: من الناحية المعنوية، من المُتوقّع أن يُضيف الجيش الإسرائيلي إلى سجّله فشلاً جديداً على مستوى "قُدرة الردع" التي كان يتمتّع بها في السابق، حيث لن ينجح في منع إطلاق الصواريخ، إلا لفترة قصيرة في أفضل الأحوال، علماً أنّ الظروف الحالية لا يُمكن أن تكون مؤاتية أكثر له، حيث أنّ العالم العربي غارق بمشاكله الداخلية وبانقساماته، والعالم الغربي مُهتمّ بقضايا أخرى مختلفة عن مأساة الشعب الفلسطيني. كما ستكون الفرصة متاحة للفلسطينيّين لتنفيذ عمليّات هجومية نوعيّة وغير مسبوقة.
خامساً: من الناحية التكتيّة، سيُسرّع العدوان الجديد على غزّة محاولات إصلاح علاقة حركة حماس بإيران، بعد أن كان تواصل الحركة الإسلامية الفلسطينية بطهران قد إنقطع بفعل تباين مواقف ومواقع الجانبين من الحرب السورية، علماً أنّ حماس كانت في عزلة شبه تامة نتيجة رهانها على حكم "الإخوان المسلمين" في مصر، والذي إنتهى بالسقوط المدوّي، لتسقط منافذ الدعم الخلفي للحركة.
في الخلاصة، إنّ مضيّ الجانب الإسرائيلي في تصعيده ليس ناجماً عن إقتناعه بإيجابيّة النتائج، ولا إقتناعاً بنهاية محسومة لصالحه، بل لأنّ لا خيار أمام القوّات الاسرائيلية إلا الردّ بما تملك من قدرة صاروخيّة وهجوميّة، في محاولة لإنقاذ ما تبقّى لها من هيبة من جهة، وبهدف إلحاق أكبر قدر من الأضرار والخسائر في الجانب الفلسطيني، وإستجلاباً لتدخّل عربي-غربي تأمل إسرائيل أن يؤمّن تهدئة طويلة نسبياً في إنتظار جولة مقبلة من المواجهات! (1) المواجهة إستمرّت بين 14 و21 تشرين الثاني 2012، وقتل فيها 155 فلسطينياً وسقط مئات الجرحى، في مقابل مقتل 20 إسرائيلياً وجرح المئات الآخرين.
(2) المواجهة إستمرّت بين 27 كانون الأوّل 2008 و18 كانون الثاني 2009، وقتل فيها 1417 فلسطينياً وجرح 4336 شخصاً، في مقابل وقوع 13 قتيلاً في صفوف الإسرائيليّين، إضافة إلى نحو 400 جريح.