المكملات الغذائية (الفيتامينات والمعادن والأملاح التي يتناولها الإنسان على هيئة حبوب أو شراب) صناعة قائمة على مفهوم عزل عنصر غذائي وتكثيفه لسد نقص حاجة الجسم منه.
وهذه الصناعة ابتدأت خلال ثلاثينيات القرن العشرين وازدهرت منذ ذلك الحين.
ولكن بداية القرن الحادي والعشرين شهدت تراجع شعبية المكملات الغذائية بسببين، الأول: اكتشف المختصون أن عزل العنصر الغذائي عن بيئته الطبيعية (تتواجد الفيتامينات في الفواكه والخضروات والحبوب واللحوم مع الألياف ومع عناصر أخرى تعين الجسم على استخلاصها والاستفادة منها) يحد من مقدار استفادة الجسم منه.
الثاني: يذكر البروفيسور في التغذية تي كولن كامبل في كتابهWhole : Rethinking the Science of Nutrition أن المكملات الغذائية يمكن أن تسبب الضرر للجسم بدلاً من أن تفيده!!
والضرر يمكن أن يصل إلى التسبب بتوقف القلب والوفاة المبكرة. وهذا الزعم الخطير يستند على دراسات موثقة مثل دراسة نشرت في شهر مارس 2012م بعنوان “Antioxidant Supplements for Prevention of Mortality in Healthy Participants and Patients with Various Diseases”
وكمثال على المكملات التي يمكن ان تسبب الضرر يذكر الكتاب فيتامين ه الذي ذكرت كثير من الدراسات (والدراسات مذكورة في الكتاب) فعاليته في الوقاية من أمراض القلب وغيرها من الأمراض المزمنة. ولكن الفعالية المذكورة تخضع للمساءلة. ففيتامين ه من الفيتامينات التي لا تذوب إلا في الدهون، وإذا عُزل فيتامين ه عن بيئته الطبيعية (تشمل السيلينيوم والأحماض الأمينية المحتوية على الكبريت والأحماض الدهنية عديدة عدم التشبع) في الأطعمة الطبيعية غير المعالجة يصبح، كما يؤكد البروفيسور كامبل، مثل أن ترسل جنرالاً إلى ميدان الحرب بدون جنوده!
وبالإضافة إلى ذلك، فعلم التغذية الحديث لا يزال يكتشف الكثير من المعلومات عن مدى تركيب الكون وتداخل مكوناته (البشر والحيوانات والنباتات وغيرها) واختلافها وتفاعلها فيما بينها. ففيتامين ه ليس فيتاميناً واحداً إنما له ثمانية أشكال تسمى analogs بينها تشابه وبينها اختلافات خاصة في مدى فاعليتها والأنسجة التي تستهدفها. فالأشكال الأربعة الأولى من فيتامين ه (تسمى التوكوفيرولات tocopherols) هي الأكثر فاعلية، وتراكمها في الجسم يجعلها الأكثر تسبباً بالأذى.
ولذا، في ظل عدم المعرفة الكاملة بالعناصر الغذائية وطرق تفاعلها في الجسم أصبح تناول المكملات الغذائية المركزة مغامرة محفوفة بالمخاطر، والأسلم هو ما تدعو الاتجاهات الجديدة في التغذية إليه وهو تناول العناصر الغذائية من مصادرها كما وردت في الطبيعة.
أي تناول الأطعمة الكاملة غير المعالجة ولا المصنعة، والتي تعدّ مناجم للفيتامينات والمعادن والأملاح الضرورية للجسم، وبكميات يصعب أن تسبب السميّة للجسم. والأطعمة الكاملة هي الحبوب غير المقشورة، واللحوم والألبان والدهون والبيض من حيوانات تتغذى بالأعشاب لا بالحبوب، والخضروات والفواكه الموسمية.