تغلغل البلاستيك في حياتنا المعاصرة لدرجة أننا قلما نجد منتوجًا لا يتكوّن من البلاستيك أو لا يدخل البلاستيك في تكوينه. وعلى مدار العقود القليلة الماضية، استبدل البلاستيك بشكل كبير الزجاج في حفظ المنتجات الغذائية، ليدخل في كافة أشكال طعامنا وشرابنا، فنجده في قناني حليب الرضع وعبوات الطحينة والزيتون والمخللات والأجبان واللبنة والحمص والحليب ورب البندورة والكتشاب والخل والمشروبات الغازية والعصير والماء وغيرها من المأكولات والمشروبات المختلفة.
وإذا فتحت البرّاد ستجد أن معظم، إن لم يكن جميع أغذيتك ومشروباتك محفوظة في عبوات من البلاستيك.
أما ساندويشات المدرسة فتغلّف هي أيضا في أكياس من البلاستيك.
فهل تتسرّب المركبات الكيماوية في البلاستيك إلى الطعام والشراب؟ وما هي الأبعاد الصحية لملامسة البلاستيك لغذائنا؟
دق العلماء ناقوس الخطر بسبب الأخطار الصحيّة الهائلة للمركب الهرموني Bisphenol A ، واختصاره BPA، الذي يدخل في تركيب أنواع كثيرة من البلاستيك وكذلك كمادة مبطنة لمعظم معلبات الأطعمة والمشروبات. ويقدّر أن معظم، إن لم يكن جميع المشروبات المعلبة، والأغذية المعلبة، وكذلك العديد من المشروبات والأغذية في عبوات بلاستيكية متصلة مباشرة مع BPA حيث يتسرب إليها ويلوّث الطعام والشراب. وقد كشفت دراسة أميركية حديثة أن مركب BPA ظهر في بول 93 في المئة من الأشخاص الذين تطوعوا للإشتراك بالدراسة، ما يؤكد أن هذا المركب يتسرب من العبوات إلى الغذاء ثم إلى جسم الإنسان. ونظراً للأضرار الصحيّة للمركب السامّ، كانت كندا ثم فرنسا أولى الدول التي تحظر بيع وتصنيع زجاجات الأطفال التي تحتوي على BPA. وقد سنّت مؤخرا العديد من الدول الأوروبية الأخرى واليابان والصين والعديد من الولايات الأميركية تشريعات تقيّد الشركات من استخدام هذا المركب في تصنيع المنتجات البلاستيكية الغذائية.
في ما يلي تلخيصا للأضرار الصحيّة المثبتة للمركب BPA:
1) السكري من النوع 2
يشكل مركب BPA خطرا للإصابة بمرض السكري حيث تشير الدراسات على الفئران أن التعرّض لمركب BPAيسبب خللاً في وظائف خلايا البنكرياس من النوع "بيتا" المسؤولة عن إفراز هرمون الإنسولين، كما أنه يسبب في مقاومة خلايا الجسم للإنسولين مما يفقد من فعالية الإنسولين. كما بيّنت إحدى الدراسات أن الإرتفاع في مستوى BPA بمقدار معيار انحرافي واحد يرفع من خطر الإصابة بالسكري بمقدار 39 في المئة.
2) أمراض القلب والشرايين
وجدت دراسات أميركية وبريطانية أنه كلما ارتفع تركيز BPA في البول، كلما ازداد خطر إصابة الشخص بأمراض القلب والشرايين.
وقد أكدت دراسة حديثة أن ارتفاع BPA بمقدار معيار انحرافي واحد يرفع من احتمالات إصابة الشخص بأمراض القلب والشرايين بمعدّل 63 في المئة ومن خطر حدوث الجلطة القلبية بمقدار 40 في المئة .
3) الأمراض السرطانية
لأن مركب BPA يشبه هرمون الإستروجين في وظائفه في الجسم، فإنه يرفع من احتمالات الإصابة بسرطان الثدي والبروستات كما ويقلل من فعالية العلاج الكيماوي للأمراض السرطانية.
4) ضغط الدم العالي
دراسات أميركية وجدت أن ارتفاع مركب BPA في البول مرتبط بارتفاع في ضغط الدم، مما يرفع من خطر الإصابة بالجلطات القلبية والدماغية.
5) خلل في وظائف الغدد الدرقية
أكدت الأبحاث أن التعرّض للمركب BPA يرفع من احتمالات حدوث اختلال في الغدد الصماء ووظائفها.
6) السمنة
دراسات مخبرية على الفئران وأخرى على الإنسان كشفت أن تعرّض الجنين لمركب BPA أثناء الحمل يرفع من احتمالات إصابته بالسمنة لاحقاً في حياته. وقد كشفت دراسات أخرى أن تعرّض الإنسان لهذا المركب يؤدي إلى تقليل عدد الخلايا الدهنية وكبر حجمها، حيث أنه يحث تخزين السعرات الحرارية على شكل دهون، مسببا السمنة.
7) خلل في وظائف الكبد
يسبب مركب BPA ارتفاعاً في إنزيمات الكبد ويحث تخزين الدهون في الكبد.
8) صعوبات في التركيز
دراسات مخبرية على الفئران كشفت أن تعرّض الجنين لمركب BPA أثناء الحمل يرفع من احتمالات إصابته بصعوبات في التركيز وباختلال في الوظائف الذهنية في الدماغ لاحقا في حياته.
9) خلل في الوظائف الجنسية
دراسة صينية كشفت أن عمال المصانع الذين يتعرّضون لمركب BPA أثناء عملهم يعانون من ضعف وبرود جنسي بمقدار أربعة أضعاف الذين لا يتعرّضون لهذا المركب. وتشير الدراسات إلى أن هذا المركب يرفع من خطر العقم لدى المرأة ويقلل من فرص الإخصاب بالزراعة عن طريق تخفيض مستوى الاستروجين في الدم، تقليل عدد البيوضات التي يتم تلقيحها، والتسبب باختلال نوعية البويضات. هذا بالإضافة إلى أنه يرفع التعرّض لهذا المركب من فرض الإجهاض. ومن جانب آخر، كشفت دراسات أخرى أن التعرّض لهذا المركب يحدث تشويشا في هرمونات الجسم معرّضا الشخص للشذوذ الجنسي.
نظرا للأخطار الصحية لمركب BPA، ينصح بتجنّب استخدام العبوات البلاستيكية والمعلّبات وتفضيل أواني الزجاج قدر الإمكان.
سهى خوري - عزيزة، اخصائية التغذية
المصدر : كلاليت