لأني أُحبكِ
دعيني أقسُ عليكِ!
ونحن صغار، كنا نستغرب قسوةَ آبائنا وأمهاتنا أحيانًا علينا؛ فمفهومُ المحبة عند الأطفال لا مجال للقسوة فيه؛ إذ العقل لم تكتمل له أدواتُ الإدراك التي بها يستطيع أن يحلل المواقف، ويستنتج البراهين، ويدرك الحكمةَ وراء كل تصرُّف.
وتمر الأيام بسرعة مُذهلة، وتتبدَّل الأدوار، ونعيش دورَ الأبوَّة والأمومة، وتفسِّر لنا الأيامُ ما كنَّا نجهله من تصرفات كنا نراها ظاهريًّا تنم عن قسوة، ولكنها في الحقيقة منتهى المحبة.وأذكر أن أكثر ما كان يرعبني هو (أخذ حقنة)، وكنت أنتفض وأنكمش عندما أرى من يعطينيها، والصورة المرسومة له في ذهني أنه رجلٌ لا قلب له، فهو من يُغمِد ذاك السِّنَّ الحامي في جسدي، وهو الوحيد الذي كان يبكيني بمجرَّد ذكر اسمه!والليلة كان لي أن أقوم بدور هذا الرجلِ، فكعادتي بعد صلاة الفجر أتحسس أبنائي، فوجدت ابنتي الصغيرة ترتعد، فقلت: لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم! - وهكذا قالتْ أمها - وانحصر نظري بين مشهدين: ابنة مريضة، وأم باكية!(وجع رهيب) سيطر علَيَّ، وكاد جسدي ينطق مُناشدًا المرضَ: هأنذا! دعْك من طفلتي......لا حول ولا قوة إلا بالله.. ألمح بابًا للشيطان سيتملكني، استعذتُ بالله، واستسلمت لقدري أن أكون أنا الأبَ والمُعالجَ في ذات الوقت، فالوقت متأخر ولا بد من قرار.هرولت إلى مفاتيحي، وانطلقت إلى صيدليتي، وأحضرت العلاج، وأثناء عودتي كان السؤال الضاغط هو: هل سأقوى وأحتمل أن أعطيَ طفلتي الحقنة؟!لم يكن أمامي خيار آخر، فالوقت متأخر، ولا بد من أخذ الحقنة!ما أقسى أن تغمس (سن الإبرة) في قطعةٍ منكَ!وما أقسى أن يشعر طفلُك أنك تقسُو عليه!حبيبتي الرقيقة.....اعذريني.......لأني أحبكِ قسوتُ عليكِ!وغداً ستقرئين ما كتبت!
د.خاطر الشافعي...
دعيني أقسُ عليكِ!
ونحن صغار، كنا نستغرب قسوةَ آبائنا وأمهاتنا أحيانًا علينا؛ فمفهومُ المحبة عند الأطفال لا مجال للقسوة فيه؛ إذ العقل لم تكتمل له أدواتُ الإدراك التي بها يستطيع أن يحلل المواقف، ويستنتج البراهين، ويدرك الحكمةَ وراء كل تصرُّف.
وتمر الأيام بسرعة مُذهلة، وتتبدَّل الأدوار، ونعيش دورَ الأبوَّة والأمومة، وتفسِّر لنا الأيامُ ما كنَّا نجهله من تصرفات كنا نراها ظاهريًّا تنم عن قسوة، ولكنها في الحقيقة منتهى المحبة.وأذكر أن أكثر ما كان يرعبني هو (أخذ حقنة)، وكنت أنتفض وأنكمش عندما أرى من يعطينيها، والصورة المرسومة له في ذهني أنه رجلٌ لا قلب له، فهو من يُغمِد ذاك السِّنَّ الحامي في جسدي، وهو الوحيد الذي كان يبكيني بمجرَّد ذكر اسمه!والليلة كان لي أن أقوم بدور هذا الرجلِ، فكعادتي بعد صلاة الفجر أتحسس أبنائي، فوجدت ابنتي الصغيرة ترتعد، فقلت: لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم! - وهكذا قالتْ أمها - وانحصر نظري بين مشهدين: ابنة مريضة، وأم باكية!(وجع رهيب) سيطر علَيَّ، وكاد جسدي ينطق مُناشدًا المرضَ: هأنذا! دعْك من طفلتي......لا حول ولا قوة إلا بالله.. ألمح بابًا للشيطان سيتملكني، استعذتُ بالله، واستسلمت لقدري أن أكون أنا الأبَ والمُعالجَ في ذات الوقت، فالوقت متأخر ولا بد من قرار.هرولت إلى مفاتيحي، وانطلقت إلى صيدليتي، وأحضرت العلاج، وأثناء عودتي كان السؤال الضاغط هو: هل سأقوى وأحتمل أن أعطيَ طفلتي الحقنة؟!لم يكن أمامي خيار آخر، فالوقت متأخر، ولا بد من أخذ الحقنة!ما أقسى أن تغمس (سن الإبرة) في قطعةٍ منكَ!وما أقسى أن يشعر طفلُك أنك تقسُو عليه!حبيبتي الرقيقة.....اعذريني.......لأني أحبكِ قسوتُ عليكِ!وغداً ستقرئين ما كتبت!
د.خاطر الشافعي...
تعليق