للرجل يوم عالمي... هل من يعلم؟
بين من يظن انّ الرجل لا يحتاج الى حقوق يطالب بها في عالم ذكوري بامتياز، ونظرية اخرى تجد انّه من الضروري التركيز على أدوارهم الفعالة في الحياة الإنسانية ليوم واحد فقط، يصادف اليوم، التاسع عشر من تشرين الثاني اليوم العالمي للرجل. من المفارقة انّ عشرةدول فقط تعترف بهذا اليوم، فيما تغيب عن العالم العربي الاحتفاليات والمؤتمرات والنشاطات بهذا اليوم على غرار ما يكون الوضع عليه خلال الحتفال باليوم العالمي للمرأة الذي يصادف في الثامن من آذار. ولأنّ الرجولة موقف وسلوك، والشرقية احترام ومسؤولية، كان اليوم العالمي للرجل، وتبقى العقلية الذكورية والشرقية، سيفا ذا حدين، يبرر شرقية الرجل بالعنف والصلابة من جهة، والأمان والاحتواء من جهة اخرى. فمن هو الرجل الذي يستحق نيل لقب رجل العالم في اليوم العالمي للرجل؟.
يصادف اليوم، اليوم العالمي للرجل، هي ليست مناسبة للاحتفال، ولا لتذكير العالم بحقوق للرجل مهدورة كما يحصل في اليوم العالمي للمرأة، فحتى الرجال أنفسهم لا يعرفون انّ للرجل يوما عالميا. اعتاد هذا اليوم أن يمر كسائر الأيام، ولاستعراض وضع الرجل الشرقي، فهو لم ينل فرصة الاحتفالية بمثل هذا اليوم، فشرقيته تخوله أن يكون الأول في بلاد العالم العربي، وبالتالي فان كل يوم هو احتفال للرجل الشرقي. ولكن المرأة قد سبقت بأشواط وسنوات الحصول على يوم عالمي لها، فلم يكن للرجل يوم عالمي، هو ليس في حاجة الى من يطالب له بحقوق، هو لا يتعرض الى العنف أو التمييز، أو أن يكون مدعوماً للحصول على المراكز الأولى في الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية.
يوم للرجل
لا تزال الشرقية المفرطة تحدد تصرفات عدد كبير من الرجال في العالم العربي، هو صارم في معظم الأحيان، قليل التعبير عن عواطفه، بالرغم من تحرر معظمهم من فكرة انّ الرجل قوي لا يبكي أو ينهار. وصار رجال كُثر يبررون تصرفاتهم بشرقيتهم، الى أن أصبحت سيفا ذا حدين، جعلتهم في قالب نمطي، وأن أرادوا أنفسهم التحرر منه. تنحصر الفكرة السائدة بمبدأ مفاده انّ تاريخ الرجال ولغاية اليوم يُختصر بالحروب والثورات، الصراعات، المشاكل الدموية، والمناوشات الرياضية، ولكن في المقابل هناك مبدعون وعباقرة تركوا أثراً لهم، ويستحقون حقيقة يوماً يُعاد فيه التذكير بانجازاتهم. وكما يوم الأب، الذي يمر مرور الكرام في كثير من الدول العربية، بمقابل يوم مجيد للأم، تعم الاحتفالات والتحضيرات له قبل مدّة وجيزة، هو اليوم العالمي للرجل، فما الذي يمنع من الاعتراف بيوم للرجل، وأن تكون المرأة على رأس المشجعين لهذه الفكرة طالما انّها تعترف بيوم عالمي لها، فتكون بالتالي أسوة بالرجل؟.
اليوم العالمي للإنسان
ومهما كان الرجل شرقياً لا يبالي بتلك "النشاطات السطحية" حسب اعتبار البعض منهم، فانّه بالطبع سيكون سعيداً لاهتمام خاص به وبتقدير على جهود قام به. فليتحرر الرجل الشرقي من حصر نفسه في اطار ضيق يحصره بشرقية مبالغ بها، وبعادات وتقاليد لا تتناسب مع تطورات الوضع الراهن، بخاصة لجهة تعامله مع المرأة العربية، حيث انّه لا تزال المرأة في عدد كبير من العالم تعاني من الاضطهاد واللامساواة. وحينها سيستحق الرجل فقط أن يكون لديه يوم عالمي يُكافأ به على انجازات وفخر بعقلية وأسلوب يتماشيان مع احترام المرأة وتقديرها. وذلك الى أن نصل الى وقت نفخر فيه بدمج اليوم العالمي للمرأة مع اليوم العالمي للرجل، تحت مسمى "اليوم العالمي للانسان".
الاحتفال باليوم العالمي للرجل
تم اقرار اليوم العالمي للرجل من قبل منظمة اليونيسكو في العام 1999، واختير التاسع عشر من تشرين الثاني يوماً للرجل من كل سنة. بدأ ذلك الاحتفال في ترينداد وتوباجو، وحظي دعم الأمم المتحدة وبالأخص اليونيسكو، حيث أبدى ممثلوها رغبتهم في التعاون مع أصحاب فكرة اقامة هذا اليوم العالمي للرجل. وحصل اليوم العالمي للرجل على موافقة عشر دول فقط، منها الولايات المتحدة الأميركية، الهند، استراليا، جنوب افريقيا، انكلترا، وغيرها، مع غياب أي اعتراف عربي بهذا اليوم. واعتبر البعض من الباحثين انّ تغييب هذا اليوم عن الدول العربية مرده الى علاقة وثيقة بمفهوم الرجولة الشرقية، بالرغم من تضمن بيان اعلان هذا اليوم نفس الأهداف والمبادئ التي قام عليها اعلان اليوم العالمي للمرأة كحق المساواة بين الرجل والمرأة رغم اختلاف سبب انشائهما وارتباط هذا الأخير بالظروف المهنية للنساء. ويرتكز مبدأ اليوم العالمي للرجل على ضرورة تحسين الروابط بين الرجل والمرأة، التركيز على النماذج الفاعلة والايجابية من الرجال، ومناسبة عالمية يعبر فيها الرجال عن أنفسهم فيؤكدون على نبذ التمييز ضدهم.
تعليق