قصاقيص من يوميات طيف

[سلمى]

آه من ذاك الهوى ان مر طيفه بلحظي صحى السهد بغصني التوى
كما السيف ابقى مغروسة بأرضك وبأغماد الغربة سيفك إجتوى
يشتعل الليل لفافة الصبر الأخيرة يمتصها بأنين الحنين منك اكتوى
مر بي يوما على جسر الوعود المعلقة واقطف معي عناقيد الهوى
نضج الكرم وهام القمر بليلي الحزين بيكي اشجان غربة كسره النوى
مر بي يا وعدا اضناه الطريق ونار الفؤاد التي اشعلها ولع شوق انفاسه طوى
فالراحلات من ايامنا لا تعدن فما بقي عمر قصير زهره ذوى..

[سلمى]

ذابلة هذه الدنيا ..نعم متجعدة الوجه..لم يعد فيها ما يشدني لا شيء يستميلني لأطلب مزيدا من الثمالة بعصرات الحياة او الانتشاء ثملاً بخمر المساء كلما دققت صفحاتي وجدت أخطاء الاملاء تستهزئ مجددا بسطري المهترئ
من كثرة ما ضغطت انامل العمر عليه فأنا اريده كاملاً ومزاجيتي تريد بعض الهفوات ولربما تريد اخطاء يغلفها ثلج الإهمال وفي زوايا اكتمال ونقص يخاصرني فقط التلاشي ...
أعطني يدك ياامل كي اسير تحت مطر الطهر لأصل الى السلوان واتبرأ من عجزي اتبرأ من نفسي واستنسخ من السطر أثر الطريق والرؤيا واهتراءات الماضي، كي امنح قبلتي لعمر تبقى فتاتا رفضني منذ قرون كي انسى وكأني زهرة من جليد..
وربما يحدث ان استعيد نشاة مدن الذاكرة.. كي يكون لي من الماضي نصاً كي يقال كانت مفردة في جدار الوجود حباً ...كانت خبراً..كانت أثراً..
لكنني الآن تفسخ لانسجة أكلتها أنياب الأحلام ولفظتها خارج الشرفات الأمنيات وكأنها الأبنة العاق ..لمبادئ الزمن ..نضجت مصارعي بباب الغروب أسير بمفرداتي الذاهلة نحو العدم ..وهذه الحياة أضحت قناع عجوز ..حاولت تجميله مرارا ..فانكسرت اناملي ...

فعدت الى ذات الغبار ابذره في الريح وأحاول تخليد حدادي الصامت بدفنها معي في ثوبي الأسود ..ثوبي الحر من زيف السعادة ..وأنظر الى الحائط الهرم بجانبي فأجده أختط من سخطي بعضا من الوان ارضية بهتت ترسم شيئا ..ملامحا ..ربما وجها ...تعبيرا ..حرفا..طائرا..وطنا...كلها تشد لسلاسل غربة يمطرها وابل متفجر لألم ..فأصرخ صرختي العاجزة أرفض الجدار وارفض هذه الحياة وتضيع صرختي في متاهتي الحقيقية وابقى كما انا هامش ...مضمونه... لاشيء للحياة يشدني!

[سلمى]

ليلة مؤرقة قادها السهد وضربتها امواج الافكار
لكن كنت منارتها فانتهت ببصيص من انفراج يسكن روعي
ليهمس لاحساسي بان اتبعه فيك وبانك بوصلة المشاعر وقبلتها
برغم جدار القلق الذي نصب نفسه جدار فصل بيني وبين احساسي
وبرغم ذبذبات التشويش العالية للخوف بداخلي
يقودني نورك اليك لأحفر في ضلع عمري اسمك
فانت الروح تسكنني تحاكيني هائمة بسمائي صبح مساء
واهيم بحرف سكن شفتك ...ويعشقك ضميري... ويعشقك وجداني
ووعيي بكل كياني ووجودي أعشقك ...
بكل كسرة متبقية من عمري..
واعشقك بسكرات هيامي ولذيذ غفوي
يا حبيبا تتنفسك رئتي بديل الأكسجين بصدري
لتصبح سر الحياة بشرياني التاجي تسري !
تعال لتعانق جفني سهدي بأنامل طيفك ليحل بي السلام
تعال خذني لعينيك وازرعني بهما حبة من ضوء تقيم بسوادهما
لأبصر الصباح بك واغفو بين قوسهما بمسائك انت
وهبني منك رقة الجس لفؤادك الرقيق ووجهك الملائكي
ودعني طفلة تداعب خصلات شعرك
واطلقني نغمة من عشق تسكن بطمانينة يسرى صدرك!

[سلمى]

في زمن كان فيه الحزن مازال يتشرخ روافدا برأس القمر وشاخ العشب الربيعي فجاة كان الموت قريبا وكان الموت بعيدا وبين المد والانحساروالانحسار والمد مجددا ثمة درب وعر ثمة درب مغامر مشيناه بتؤدة نبتت فيه تسلقات مجنونة لعروش ازهار رزقاء امتلأت بالعيون الحالمة ....هناك كان المعبر وهناك كان الحلم واصبح حقيقة اللقاء تم إلتحام بجنون اثنين بطهر التحام الارض بالسماء بقداسة الماء الطهور حينما يسري في جنبي ارض بكر هكذا توحدنا ....ولد عشق تخلق بنقاء النور من بين انامل الحزن عنوة من بين براثن الموت بعثنا.. وهكذا برأس الدبوس اسجل تفاصيلنا بخدش الانملة للطين البارد احفر وصفنا في كتلتين من نار وماء ...لا اجد فرقاً بين صعود حمم للجبل وبين صعود لهفة بفؤاد عاشق نحن فقط كتل من براكين اندلعت فأطفأها مطر روح خفيف لطف جنون الالتحام فكان ان بقينا متلاصقين نار وطين وتشكلنا من جديد... فانت الفرق بيني وبيني أذا لا فرق بيننا!
لا فرق بين تشابكات العروق باليد لا فرق بين الغيم والماء بين الغصن والشحرة لا فرق بين الأكسجين المختلط بالهواء كنت حلمي وما زلت حلمي وكم تشبهني وكم تشبه مدينتي التي ايقظت ضجيجها في عروق فؤادك الذي احتضن خلايا دمي وفي دمي تنمو ذراتك سريعا منذ تم الإلتحام تسربت كثلج اذابته الشمس رويدا رويدا لتسكن نخاعي... وسأسجلك بكل خلية بداخلي اصبحت دماؤك نبض حياة فيها أكنت حضورا ام طيف سحاب أم اصبحت انا غصناً أم يباب كنا صعودا ام نزولا سأختزنك ذاكرة جديدة كذاكرة طفل قد نبتت من جديد في كل لحظة كي لا انسى ان ارصد تفاصيلك في كل يوم واشكلك منمات تعتقت بخمر من روحي فأنتشت بنبيذها أركاني ثملا اجتاح اسوار خلاياي وصنع خريطة جديدة لمدني شكلت من جديد تفاصيلي..فانا باختصار حضارة من عشقك!

[سلمى]

حينما تغيب تأخذني دوامات بعمق اخدود من عيون الخوف تبتلع بصيرتي فيطبق بي عمى كامل لا ابصر شيئا من مساحات الدنا وكانها قلبت لوح شطرنج لكن بلون رمادي اختلط فيه الأبيض بالأسود ...هكذا غيابك قرون من غيبوبة اضيع فيها بصمتي خارج التنفس بضيق تدخلني هذه الثواني بداخل صندوق الوحدة الكئيب لأحيا باختناقي خارج الوطن تقتلني أنياب غربتي..
فليس لي في بعدك وطن يا وطنا بني من أناغيم العندليب وعطري واسوار الياسمين ان هبت رياح الجفا ..ولوح الزمن بعصى الغياب دمعت غدران النرجس وتعرقت جدران الفؤاد بالوفا وجرى النزف فتكوم سحابة من ولاء من روحي تمطره لروحك في لأصب بعدك في بحر من العذاب ...
في الغياب ينعقد الحزن ثمرا بطعم الحنظل امضغه احترارا يزرع عمري بموت بطيء يستل خيطه من رداء الحياة يعيدني انكاثاً بلا هوية ..بلا اسم .. بلا أرض ...بلا سما فهل تعلم تعلم يا حبيبي انني في غيابك أنني شرفة دمع مهجورة بانني موت بطئ .. وأنني بوجودك أضحى ضياء يتوحد بقمر؟! أضحى حياة تعيد اليها صفة البشر!

لكنني يا ربيعاً وثيراً كتبه لي القدر لن استسلم لرخام الشجر سألون بك مساحاتت الإنتظار بنغمات المطر وأرسمك وطنا من زهر وحلم من قوس قزح ووجودا كبزوغ الفجر..إلى ان تعود وتأتيني نوارس البحر منك بخبر... سأبقى أحبك وإن أضحيت بعدك عدماً بلا منتهى ولا مبتدأ وإن صيرني السهد غابة من رخام بلا شجر ..وإن أصبحتُ عقيم الغيم بلا سطر..

[سلمى]

أحملك طيور النوارس
همستي لقلب عانى مر القرحِ
من مصيبات الدهر في الاوصال
تقطيعا رجفا تدب
ما من نائبة إلا ولها بفيه
الفؤاد اتعبه مر الوصب
وما من حال دائمة

وما من فرح دائم ولا حزن للاعمارغلب
بالفتى ومامن دائرة استحكمت
إلا كان الفرج ملازما
كتبه الله لعباده مغفرة
تنزيلا لسكينه بقلب
فاسطر الهم برمل على جدار الحياة
واحفر الصبر بصخر الاعمار
فجزاؤه حسن عاقبة تذيب النصب
اقبض بيدك على جمر الاسى
وارد من القلب رغبة الألم بكاء انتحب
واستمسك بحبل الله وارفع الأكف
بالدعاء بالعشي والسحر
ادعوه رهبا ورغب
كن كالجبل الاشم طودا شموخا
قبولا بالقضاء تعلو على الألم
بشكر رب النعم الذي لك وهب
من عظيم نعمه ما وهب

[سلمى]

انا من نسجت احلامي لزمن آخر ففاجئني الغرباء بالتعربش على اسواري بمكر السخفاء
عذرا لمن اتعبه سطري فتناولني بسليط لسانه هجاء! لم الحنق ولم الاستهزاء؟!
لسنا سوى رحيل نهار يتابعه مساء ولسنا سوى سراج عمر يخبو منه سريعا ضياء
فما ضركم انسياب الحرف بمشاعري وما ضرالريح من انسياب القطر من السماء
فما كان من ذاتي نابعا ولذاتي ذاهبا ما ضركم يا بشر ولم بأمري هذا العناء؟!

[سلمى]

يمتد الموج ببحري سريعا وكانما اختصر الاعاصير كلها دفعة واحدة ...
اغرقني بك اكثر هكذا يصيح البحار بالموج وتضيع بك سفني ..
ارسم بفرشاتي دواماتك لتتبلعني ..
اريدك يا بحري بدون زبد قلق..يعلو مسام جلدي فيغلقها
ويلقيني ضائعة بجزر نائية اشعل ناري بانتظار مدك الآخر!
هل يعرف البحر انني ذراته الغافية بقاعه تنصهر به عشقا؟
وهل يعلم البحر بأنه عزف ناي نغمة بهجة مسترسلة نمت من بين انامل التيارفي صدري؟
هل يعلم البحر أنني ماء الروح تصبها ذراته بصهير لجته الممتدة دهرا من حياة؟
هل يعلم البحر انه كوناً من بياض الضياء في القمر ودفئ الشمس ..
تناغم الشجر مع الرياح ... عزف الطيور للسماء ..
عشق النار لمراقصة الهواء... تماهي النسيم بالفجر...
الانصهار لحظة اضجاع البحر بالصخر ....
انتشاء السعادة عند معانقة الجبل للمزن ....
هل يعلم البحر بأنه ترنيمة الروح تهمس به للحياة:أحبك!

[سلمى]

[سلمى]

تتحلل عيناي كلما نظرتك يا بحري فيك تذوب تفاصيل صغيرة تحمل ذرات كياني
يسقط القمر بوجهك يحملني حزمة ضوء نتشد الراحة براحتيك اهديك شاطئ ثاني
ترسوا فيه امواجك يتحتضنك رمالي تعزفك لحنا ليليا وحدي فقط تلحن نوتته اشجاني
تتلاحق بسرعة موجاتك تضرب جوانب الصخر المتبقي بأركاني فتهزم مقاومة عشقي
تتراقص الهمسات فوق ربيع ازهار نمت في قاعك تسلقت سيقانها على اوتار وريدي
اشتاقك في كل مرة بشكل جديد وألونك بحرا بطعم العناب احيلك حديقة حلمي وتنهيدي
وأبني فيك ممراتي السرية وتشعبات طرقات عروس البحر الغافية بحجرات قصرك المخفي
واحيا بك سرا واعلنك حبا حياة وابني فوقك جزري اذيب فيك السكر فيختفي الملح وتبقى حبي ووليدي.

[سلمى]

كم اشتهي هذا المساء ضمة منك تذهب عني وجدي فقد طال السهد في عيني القمر
وتحت خيمة الليل افترش الشوق عباءة الصبر والتحف الحنين اضلعي
فارسلني بمداك موجا يضرب حوض البحر واغرقني بك غيثاً وغن لم يكن مو سم المطر..

[سلمى]

[سلمى]

اصبح كل هذا العالم بالنسبة لي لمسة يد...اهدتني من العشق اجمل ورد
اناملك اصبحت عالمي صحو يومي سهد امسي..عروق اليد اصبحت انهاري
يجري دمي فيها انت الروح هذا الجسد..يا كم طافت مخيلة وردية بلمسة يد
ياااه من لمسة حب من يد كالأم تُعشق الحنو في زوايا حطامي المجهد
كم دار العالم حولي من دفئ الحنين للمسة هانئة من تلك اليد
حياة تزرع في كفي فتغفو وتضيع كينونتي فيها لآماد من ود
آمن ملاذي لمسة وجنتي منها تغفو براحتيها تستقر فيها بدون صد
وكم تدور الدنيا في فلك عشقي من لمسة يد...
محضني وقاربي تواسيني جامعة دموعي تلم شتات نوائب جد ..
اعبد تلك النعومة يهمس رقة بكفي :اشتاقك
خريطتي وملمهمتي اصبح عالمي بحدود احتضان عشقنا يدا بيد

[سلمى]

[سلمى]

في مجرات الحزن اضيع من جديد لاعيد صياغة القصيدة على وقع ساهم من صمت الحداد تلك الايام تجدلت بجدائلها السوداء وبعقدة من البكاء استحل الموت جزائرها فتسممت خصلة الحياة التي نكثت انقاضها فتداعت هياكل النفس وانتشى الالم كيف لا تبكي عيناي والموت يحدق بهما واعي ان العد بدأ لتفارق الروح عائدة الى البرزخ ولأتركني ورقة خريفية تساقطت من غصن مبتور علق به مشنقة رأس العمر ثم القي ببابك ورحلت الروح..حزينة نفسي ..باكية روحي ..وما تبقى من زيت السراج بضع قطرات لا تكفي رحلة الليلي السرمدي الذي لف كيان غربة استشرت بأوصالي وبقيت اقارع محاريث الوحدة التي حفرت عظمي واقامت مسكنها باحشائي حتى امتصت النخاع ..ما تبقى ذرات من طلل علته الاملاح بحث عن ساكنه طويلا لم يجد سوى هجير الرياح وحداء القوافل الراحلة تستند اليه فأكمل تهدمه بصمت...