بالصور.. ما هي علاقة رؤساء وسياسي امريكا بحائط البراق؟!
يُعتبر حائط البراق من أشهر معالم بيت المقدس الشريف، فهو الحائط الذي قامَ رسول الله محمد صلى الله عليه وعلى اله وصحبه وسلم بربط البراق اليه في ليلة الاسراء والمعراج. يقع الحائط على الجانب الغربي من الحرم القدسي الشريف، أي يُشكل جُزءاً من الحرم المحيط بالمسجد الأقصى، ويمتد بين باب المغاربة جنوبا،
والمدرسة التنكزية شمالا، بطول نحو 50م وارتفاع بنحو 20م.
الحائط عند المُسلمين
بالنسبة للمسلمين، يرتبط حائط البراق بقصة الإسراء والمعراج في القران الكريم والسيرة النبوية الشريفة، ومنها جاءت تسمية الحائط بالبراق نسبة للدابة التي ركبها النبي محمد صلى الله عليه وعلى اله وصحبه وسلم عند إسرائه ليلا من مكة المُكرمة إلى المسجد الأقصى، سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ، حيث ربط البراق في حلقة على هذا الحائط، ودخل إلى المسجد حيث صلى بالأنبياء ثم عُرج به إلى السماوات العلا.
الحائط عند اليهود:
مُعظم اليهود، المتدينين منهم والعلمانيين، اليمينيين منهم واليساريين، يزعمون ان الحائط هو الأثر الأخير المتبقي لـ"هيكل سليمان"، فيتوجهون اليه للصلاة والدعاء على أمل "أعادة بناء الهيكل الثالث" ومجيء مُخلصهم "المسيخ اليهودي".
في الثامن من يناير كانون الثاني سنة 2001م، تجمع نصف مليون يهودي "متدين وعلماني" بالقرب من الحائط وأقسموا على الأخلاص للقدس وجبل الهيكل "أي الحرم القدسي"، وبعد ستة أشهر من هذا التجمع أصدرت المحكمة الاسرائيلية العليا
قراراً يقضي بالسماح لجماعة "جبل الهيكل" وضع حجر الأساس "للهيكل الثالث" قرب باب المغاربة المُجاور لحائط البراق. وفي سنة 2007م، أشارَ استطلاع للرأي أجري من قبل معهد القدس للدراسات الاسرائيلية ان 96% من الاسرائيليين يعارضون
التخلي عن الحائط الغربي "أي حائط البراق". وفي سنة 2009م، قالَ بنيامين نتنياهو، رئيس وزراء الكيان اليهودي: " ان العلم الذي يطير من فوق كوكتيل هو العلم الاسرائيلي، مقدساتنا هي جبل الهيكل (أي الحرم القدسي) وسيبقى تحت السيادة الاسرائيلية الى الابد".
الحائط عند المسيحيين:
في القرون الأولى من العصر المسيحي، مُنعَ اليهود من التواجد في القدس عامةً، وهُناكَ أدلة تُشير الى ان أباطرة الرومان لم يسمحوا لليهود زيارة المدينة المُقدسة او التعبد على جبل الزيتون، كما كانَ هُناكَ مرسوم امبراطوري من روما يمنع اليهود من العيش في القدس، في حين تحولَ موقع الحائط وما حول الحرم القدسي الى مكانًا لتفريغ القمامة للمسيحيين للأهمية التي كانت تحضى بها كنيسة القيامة فقط، وأستمرَ هذا الحال حتى القرن التاسع الميلادي حينما سمحَ الأمبراطور البيزنطي ايليا يودوشيا لليهود بالأستيطان في القدس.
بدأ نفوذ الصهيونية يتغلغل في المسيحية عن طريق مارتن لوثر، أستاذ اللاهوت الألماني ورائد المذهب البروتستانتي المسيحي (أنشقاق من المذهب الكاثوليكي المسيحي)، حيث أصدر في سنة 1523م كتاباً بعنوان "عيسى ولد يهودياً" قال فيه:
"إن الروح القدس انزل كل أسفار الكتاب المقدس عن طريق اليهود وحدهم، ان اليهود هم أبناء الله، ونحن الضيوف الغرباء، ولذلك فإن علينا أن نرضى بأن نكون كالكلاب التي تأكل ما يتساقط من فتات مائدة أسيادها كالمرأة الكنعانية تماماً".
المذهب البروتستانتي هو المذهب الذي يدين به اليوم غالبية الأمريكيين والأوروبين، ولكن داخل هذا المذهب شيع كثيرة تُعد بالعشرات منها ما لا يمكن فصل عقيدته عن اليهودية أو الصهيونية لفرط الاشتباك والتفاعل بينهما، أما الأدبيات اليهودية التي تسربت إلى صميم العقيدة المسيحية البروتستانتية
الصهيونية عبر هذه الشيع، فهي تدور حول أمور ثلاثة:
الأمر الأول هو أن اليهود هم شعب الله المختار، وأنهم يكوّنون بذلك الأمة المفضلة على كل الأمم مهما فعلوا وعملوا لا يُمكن أنتقادهم.
الأمر الثاني هو أن ثمة ميثاقاً إلهياً يربط اليهود بالأرض المقدسة في فلسطين، وأن هذا الميثاق الذي أعطاه الله لإبراهيم عليه السلام هو ميثاق سرمدي حتى قيام الساعة، وعليه من واجبات المسيحية الصهيونية تسهيل هجرة اليهود الى فلسطين من جميع النواحي بينها أفتتاح مكاتب للهجرة اليهودية الى الأراضي المُقدسة.
الأمر الثالث هو ربط الإيمان المسيحي بعودة السيد المسيح بقيام دولة صهيون سنة 1948م، وأحتلال الجانب الشرقي من القدس سنة 1967م، أي بإعادة تجميع اليهود في فلسطين و"بناء الهيكل الكبير" حتى يظهر المسيح فيهم. فقيام دولة إسرائيل واحتلال القُدس، هو شرط جوهري لنهاية "سنوات المنفى اليهودية" والعودة المنتظرة للمسيح. ومن أجل ذلك ينبغي تقديم كل أنواع الدعم المالي والعسكرية والسياسي والاعلامي الى اليهود.
هذه الأمور الثالثة ألّفت في الماضي، وتؤلف اليوم، قاعدة الصهيونية المسيحية البروتستانتية التي تربط الدين بالقومية، تسخّر الاعتقاد الديني المسيحي لتحقيق مكاسب يهودية، ولهذه الصهيونية المسيحية نفوذ هائل في الامم المتحدة ووسائل الأعلام، ويعقدون كل عام أجتماعاً في القدس الشريف بحضور رئيس وزراء الكيان العبري، وهم يتوزعون تحت مسميات المسيحيين الإنجيليين، الجذابه، الخمسينيه والتبشيرية وبأعداد تزيد عن 70 مليون نسمة في العالم.
الأخطر من ذلك حالياً، هو أعتقاد المسيحية الصهيونية وفي مقدمتهم رؤساء امريكا وبعض سياسيها ان اعادة بناء "الهيكل اليهودي" باتَ وشيكاً، فضلاً الى توسيع حدود "اسرائيل" لتشمل ليس فقط الأراضي الفلسطينية بل على الأساس الحرفي لسفر التكوين 15:18، والقائل: "في ذلك اليوم قطعَ الرب مع أبرام عهدًا، قائلاً: لِنسلِك أُعطي هذه الأرض، من نهر مصر الى النهر الكبير، نهر الفرات".
موقف الكنيستين الكاثوليكية والأرثوذوكسية من "المسيحية الصهيونية"
أعلنت الكنيسة الكاثوليكية في الولايات المتحدة الأمريكية موقفها من الصهيونية المسيحية مبكراً في مايو ايار سنة 1897م، عندما صرحت في بيانٍ لها: "إن إعادة بناء القدس لتصبح مركزا لدولة إسرائيلية يعاد تكوينها يتناقض مع نبوءات المسيح نفسه الذي أخبرنا أن القدس سوف تدوسها العامة حتى نهاية زمن العامة أي حتى نهاية الزمن". وكرد فعل على وعد بلفور صرح البابا بندكت الخامس عشر سنة 1917م: "لا لسيادة اليهود على الأرض المقدسة". وبتاريخ 15 مايو ايار سنة 1922م بعث الفاتيكان بمذكرة رسمية لعصبة الأمم للتعبير عن اعتراض البابا على فكرة إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين ورد فيها "إن الحبر الأعظم لا يمكن أن يوافق على منح اليهود امتيازات على غيرهم من السكان". ولم تكن مواقف بيوس الثاني عشر مختلفة عن مواقف سلفه بندكت الخامس عشر. فبشكل عام ترفض الكنيسة
الرومانية الكاثوليكية اللاهوت الإسخاتولوجي الألفي الذي يستند عليه الاسرائيليون المسيحيون في معتقداتهم.
اما الكنيسة الأرثوذكسية في الولايات المتحدة، فهي تعارض ايضاً "الصهيونية المسيحية" مستندةً في ذلك على أسسٍ ذات طابع عقائدي، فبالنسبة لها تعمل الحركة "الصهيونية المسيحية" على إدخال أفكار لاهوتية غريبة على الدين المسيحي لأهداف سياسية تصب في مصالح دولة محددة.
وعلى هذا المنوال كتب المطران عطالله حنا من كنيسة الروم الأرثوذكس في القدس الشريف مقالة يشرح من خلالها موقف كنيسته من "الصهيونية المسيحية" التي وصفها "بالمجموعات المتصهينة التي تدعي المسيحية"، قائلاً أن هذا التيار وما ينادي به يناقض المسيحية وأسسها التي تدعو للسلام والمحبة على عكس الصهيونية المسيحية التي تسعى لهيمنة العنصرية والتمييز
العرقي.
واستشهد عطالله بكلمة للبابا شنودة الثالث بطريرك الكنيسة القبطية
الأرثوذكسية قال فيها أن "هؤلاء احتلوا فلسطين بوعد من بلفور وليس بوعد من الله، وإنهم يتخذون من آيات كتابية يحرفونها ويفسرونها كما يحلو لهم تبريرا لأفكارهم ومواقفهم العنصرية".
تعليق