أمة أقرأ بزمننا لا تقرأ
لقد تأكدنا بما لا يدع مجالاً للشك من أن أمة "اقرأ" لا تقرأ.
وإذ نتمنى أن يتبدل حالنا ويحسن مآلنا، إلا أننا غير متفائلين؛
أو لنقل بأن هذه الأمنية لن تتحقق على المدى المنظور!
لقد تعودنا أن نتلقى ونستهلك كل شيء ناجزًا وجاهزًا،
حتى صرنا شعبًا عاجزًا عن الإبداع وغارقًا في الاتباع. وهذا أمر بديهي،
لأن الذين لا يقرأون لا يكتبون، والذين لا يفكرون لا يغيرون،
والذين لا يتساءلون ولا يبحثون، ولا يؤلفون ولا ينشرون ولا يشعرون.... ولا هم يحزنون!
تبين في إحصائيات "الأمم المتحدة" أن المواطن الأمريكي والأوروبي
يقرأ أحد عشر كتابًا في العام؛ أي ما يقارب كتابًا كاملاً في الشهر.
أما العربي فلا يقرأ أكثر من 6 صفحات في العام. ورغم أن عدد سكان "اليونان"
ومن يتحدثون لغتها لا يزيدون عن 5% من متحدثي لغة الضاد وحماتها،
إلا أن "اليونان" البلد المفلس الفقير الذي يعاني من الفساد والركود منذ عقود،
تقرأ وتكتب وتؤلف وتنشر.. ثم تقرأ أكثر من أمة "اقرأ".
حتى الأخوة والأخوات الذين طلبوا منا الاستشارات،
جاءوا من بين النخبة التي تشكل الصفوة. فهم جادون وواعون
ومدركون لرسالاتهم وأدوارهم في الحياة، وليسوا مجرد قراء عاديين.
وتبقى الأسئلة قائمة: من المسؤول؟ وهل هناك حلول؟
رغم تفاؤلنا الدائم، فإننا نرى الصورة قاتمة.
ولا نظن أن عهود "ابن سينا" و"الرازي" و"الفارابي" و"ابن رشد"
ستعود في المدى المشهود! فما الذي ستفعله أمة لا تقرأ ولا تكتب،
ولا تبدع ولا تصنع ولا تزرع، ولا تأمل ولا تعمل، ولا تفعل شيئًا سوى أن تنام
؛ فيعلو شخيرها، وينأى زئيرها، ويخفت هديرها، ويصغر كبيرها،
ويتلاشى تأثيرها، ويصمت صوتها، وتنتظر موتها؟!
تعليق