الشوارع الخلفيه
لكل منا شيىء يحتفظ به و يكتمه على الاخرين و لا يحب ان يعرفه احد غيره......شيىء ما خاص جدا.....ربما كان سره او حقيقته
و نحن نمضى فى حياتنا حريصين فى الغالب على ان نكون صادقين فلا نخدع على الاطلاق
و نطلب الشيىء نفسه من الذين يتعاملون معنا....
ثم.....حين يخيل الينا اننا اصبحنا واضحين و ان كل ما امامنا مستقيم و مبين و مفهوم
اذ بنا ندرك بغته ان فى الاعماق منا اشياء غامضه عديده :حكايا لم ينفذ اليها شعاع و لم تضىء بعد
شوارع خلفيه فى نفوسنا هى عالم باسره غريب عنا يعيش فيه حلم صغير جامح لم يتحقق
نزوه ارتكبناها فى وقت ما ...احقاد مبهمه..اطماع...انفعالات مكبوته او اى شيىء آخر لا نتبينه نحن
و لكنه يحكم كثيرا من عواطفنا و تصرفاتنا دون ان ندرى
و الذى يحس صاحبه كأنما هو كتاب مفتوح يكتشف فجأه من خلال كلمه او ضحكه او ربما دمعه ان فى صاحبه اشياء
لا تزال مجهوله تعيش و تنمو خفيه ...و هذا يحدث حتى بين الازواج الذين تختلط منهم العواطف و الانفاس و حبات العرق
لسنوات طوال...
ذلك اننا لا نصنع من نفوسنا فى الواقع غير الشكل الذى نختاره و نحبه و نحرص على ان نظهره
و يطل منا بعد ذلك مالا حيله فيه و لا خيار
و فى حياتنا حتى فى حياه كل يوم تنتشر الظلال لبعض الوقت
و عندما تسود الظلال فى حياتنا تضطرب الاشياء الثابته و تتميع الحدود ..و لا حدود فى الظلال
اذ ذاك يختلط الابطال بالمزيفين و يتوجس الذين يملكون الكلمه الصادقه قبل ان ينطقوا بها
لان صدى كلمتهم يخلع كثيرا من القلوب....و يرتفع كلام له رنين خادع
و فى مثل هذه اللحظات تستخفى الحقائق و تشوه البساله و تصبح الفضيله عاجزه بلهاء
تنطمس همهمتها فى الضحكات العابثه و يمحى الخط الفاصل بين الحماقه و الكبرياء
بين الحب و الرغبه بين الشعوذه و الجساره و تتسلل العواطف المحتدمه التناقض لتحجب الطريق امام العيون
و يتخبط كثيرون فى الطريق المجهول و يبقى بعض الناس على الرغم من كل ذلك مدركا لمسئوليه
الكلمه التى يحملها محتفظا بالشجاعه الكافيه لكى يلقى بكلمته فى وجه الخطر نفسه مهما تكن النتيجه
يظل بعض الناس قادرا على التمييز و معرفه الاتجاه وسط الزحام المتموج
فترتفع من بين تراب الانهيار مواقف مضيئه كأنما هيا المنارات الراسخه تصفع بنورها وجه العواصف و الظلمات
و تبعث امل الخلاص فى قلوب الذين يكابدون صراع الخفاء
عبد الرحمن الشرقاوى
مقدمه روايه الشوارع الخلفيه
راقت لي جدا لانها تلامس خفايا النفس البشريه بجدارة
تعليق