عتقد بعض الناس أن الابتسامة الصفراء هي تلك التي تُظهر الأوساخ المتراكمة على الأسنان، بسبب عدم الاعتناء بتنظيفها بشكل دوري، أو بإهمالها بالكلية، فعندما يبتسم من هذا حال أسنانه، تبدو أسنانه صفراءَ فاقع لونها تسوء الناظرين...
وآخرون يعتقدون أنها تقال لأجل المؤانسة والمداعبة فحسب...
والحق أن هناك وجها ثالثا، يُحس به أحدنا عندما يقابل شخصاً يستثقله، أو يريد الخلاص من محادثته في أسرع وقت...
فهل عرفت هذه الابتسامة ؟ هل مر بك من ابتسمها لك؟
تلك هي الابتسامة الصفراء حقاً...
ابتسامة شاحبة خالية من المودة، عارية عن الصدق، تنبعث منها رآئحة النفاق الإجتماعي البغيض...
لا أظنك أيها القارئ الكريم قد نجوت من مثل هذه الابتسامة، فنحن نعيش مع الناس ونرى ونشاهد تصرفاتهم، ومحادثاتهم...
بل أكاد أجزم أنك قد ابتسمت يوماً من الأيام ابتسامة صفراء من هذا النوع، غلبك عليها الشيطان...
وقد يقول قائل : النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أمرنا بالتبسم، بل أخبر أننا نؤجر عليه...
فالمتبسم وإن كان لا يود من تبسم له ولا يرغب في محادثته، فإنه يسْتحضر الأجر الذي وعده به نبيُّه عليه الصلاة والسلام فيتبسم طاعة واحتساباً...
والحق أن التبسم الذي أخبر عنه النبيُّ- صلى الله عليه وسلم - هو التبسم الذي يكون منبعه التودد والتقرب إلى الخلق، الذي يشعرك بأن المتبسم وإن كان لا يعرفك، أو لا تربطك به علاقة، يشعرك على الأقل أنه لا يبغضك.
فهذا المتبسم مأجور إن احتسب عند الله التأسي والاقتداء بالنبي - صلى الله عليه وسلم -، ولذلك نستطيع أن نسمِّيَ ابتسامته (الابتسامة البيضاء)، وإن كان يعلو أسنانه شيءٌ من الصفرة، فمحياه يدلك على صفاء سريرته، وحسن قصده...
أما صاحب الابتسامة الصفراء، فهو أبعد عن ذلك بكثير...
فهو يبتسم على قدر حاجته منك، فإذا قضى حاجته سرعان ما يكشر عن أنيابه، ويظهر لك وجهه الآخر الذي خبأه خلف تلك الابتسامة الصفراء...
لا أريد أن أكون ممن يخوض في نوايا الناس، فالفطن يعرف من محدثه ويلمح منه ما قد يخفيه هذا المتحدث وراء مثل تلك الابتسامات...
فيعرف (أبيضها) من (أصفرها)...
بقلم: عبد العزيز حسن المالكي...
تعليق